تنزل في حي معين لها لا يشاركها فيها الا حلفاؤها، كما كان لكل قبيلة مسجدها الخاص، ومقبرتها الخاصة، ويرى ماسنيون ان جبانات الكوفة هي إحدى الصفات المميزة لطبوغرافيتها (1) كما سميت شوارعها وسككها بالقبائل التي كانت تقطن فيها (2) وغدت المدينة صورة تامة للحياة القبلية وبلغ الاحساس بالروح القبلية والتعصب لها إلى درجة عالية، فكانت القبائل تتنافس فيما بينها على احراز النصر كما حدث في واقعة الجمل.
ومن هنا غلب على الحياة فيها طابع الحياة الجاهلية (3 9، ويحدثنا ابن أبي الحديد عن الروح القبلية السائدة في الكوفة بقوله: " ان أهل الكوفة في آخر عهد علي كانوا قبائل فكان الرجل يخرج من منازل قبيلته فيمر بمنازل قبيلة أخرى، فينادي باسم قبيلته يا للنخع أو يا لكندة، فيتألب عليه فتيان القبيلة التي مر بها فينادون يا لتميم أو يا لربيعة، ويقبلون إلى ذلك الصائح فيضربونه فيمضي إلى قبيلته فيستصرخها فتسل السيوف وتثور الفتنة " (4).
لقد كانت الروح القبلية هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي وقد استغل ابن سمية هذه الظاهرة في القاء القبض على حجر واخماد ثورته فضرب بعض الأسر ببعض، وكذلك استغل هذه الظاهرة ابنه للقضاء على حركة مسلم وهانئ، وعبد الله بن عفيف الأزدي.