القلوب على التوحيد من حيث فطرتها.
أو يقال: إن الله تعالى أوضح في الأذهان ما يتعقل من تلك الكلمة بالتفكر في الدلائل والبراهين الساطعة، ويجوز أن يجعل المعقول مصدرا أي ان تعقلها منير للقلوب، ويحتمل إرجاع الضمير إلى القلوب أيضا مرادا بمعقولها ما يتعقله القلوب من تلك الكلمة.
وفي ذكر التفكر مع المعقول إشارة لطيفة إلى كون القوة العاقلة هي المفكرة، وإشارة أيضا إلى كلية المدركات هنا لما أشير إليه من أن المدرك بالعقل هو الكليات، ولكن تفصيل المسألة يحتاج إلى بسط من الكلام لا يليق به المقام.
قولها (عليها السلام): ((الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته)).
الممتنع من الامتناع مشتقا من المنع بمعنى الإباء، وهو المراد من تفسيره بخلاف الإعطاء كما فعله بعض أهل اللغة، ومنعته من كذا فامتنع أي قبل المنع، ويقال: إمتنع عن الشيء أي كف عنه، وهو أيضا مستند إلى مانع من كراهة القلب أو غير ذلك، وهو المانع الباطني إذ المانع أعم منه ومن الظاهري.
والممتنع في الاصطلاح كل ما كان عدمه ضروريا ووجوده ليس بضروري، وهو مقابل للواجب الذي وجوده ضروري دون عدمه، وللممكن الخاص الذي ليس شئ من عدمه ووجوده بضروري.
وكل من هذه الثلاثة من أفراد الممكن العام الذي يسلب فيه الضرورة عن الطرف المخالف للحكم، مثلا إذا قيل: زيد موجود بالإمكان العام أي عدمه ليس بضروري، فإن كان وجوده ضروريا فواجب أولا فممكن بالإمكان الخاص، وإذا قيل: زيد ليس بموجود بالإمكان العام معناه انه ليس وجوده بضروري، فإن كان عدمه ضروريا فممتنع وإلا فممكن خاص أيضا، فيتولد من مثال الإيجاب الواجب والممكن الخاص، ومن السلب الممتنع والممكن الخاص.
ثم الممتنع على أقسام ثلاثة، لأنه إما ممتنع بالذات، كشريك الباري،