خمسة منها الحواس الظاهرية وهي: السامعة، والباصرة، والشامة، والذائقة، واللامسة، وخمسة منها الحواس الباطنية وهي: الحافظة، والواهمة، والمفكرة، والمخيلة، والحس المشترك.
وفي دماغ الإنسان بطون ثلاثة، لكل منها مقدم ومؤخر، ففي مقدم البطن المقدم من سمت الجبهة الحس المشترك، وهي القوة التي يتأدى إليها صور المحسوسات من طرق الحواس الظاهرة فتدركها، وهي الحاكمة بين المحسوسات الظاهرة كما يحكم بان هذا الأصفر، هذا الحلو، والمراد بالصورة هنا ما يمكن إدراكه بإحدى الحواس الظاهرة.
وفي مؤخر المقدم المخيلة ويقال لها الخيال أيضا - بالفتح - وهي قوة تجتمع فيها صور المحسوسات وتبقى فيها بعد غيبتها عن الحس المشترك، وفي مؤخر الأوسط القوة الوهمية ويقال لها الواهمة أيضا، وهي القوة المدركة للمعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات من غير أن يتأدى إليها من طرق الحواس كادراك العداوة والصداقة من زيد، وكادراك الشاة معنى من الذئب.
وفي مقدم الأوسط بين الواهمة والمخيلة العقل، وهي القوة العاقلة المدركة للكليات، ولها قوة التركيب والتفصيل بين الصور المأخوذة من الحس المشترك، والمعاني المدركة بالوهم بعضها مع بعض، وهي دائما لا تسكن نوما ولا يقظة، وليس من شأنها أن يكون عملها منظما منتظما، بل النفس تستعملها على أي نظام تريد، فإن استعملها بواسطة القوة الوهمية فهي المتخيلة، وإن استعملها بواسطة القوة العاقلة وحدها أو مع القوة الوهمية فهي المفكرة، فللمتخيلة اعتباران كما ظهر مما مر.
وفي مقدم المؤخر الحافظة، وهي قوة تحفظ بها المركبات التي ركبها المفكرة من الصور الخيالية، والمعاني الجزئية الوهمية وسلمتها إليها، فهي خزينة المركبات وخازنة القوة العقلية، والأنسب أن يترتب الحواس الباطنية من الطرف الأسفل إلى الأعلى أي من مقدم الرأس إلى مؤخره بترتيب آخر، وهو اعتبار الحس المشترك