عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات.
وفي الحديث: ((سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك)) (١)، ويمكن أن يقرأ الابصار في الخطبة بالكسر مصدر أبصر - كالفتح - جمع بصر.
والرؤية: النظر، وهي رؤية بالعين ويتعدى إلى مفعول واحد، ورؤية بالقلب بمعنى العلم ويتعدى إلى مفعولين، والمراد هنا الأول بقرينة الأبصار.
والمراد من الفقرة ان الله تعالى لا يدرك بالحواس الظاهرة مطلقا، وذكر رؤية الأبصار لأن المتعلق بادراك الشخص في مقام معرفته أولا بالوجه المناسب هو الرؤية بالعين، مع أن هذا رد لمن ادعى الرؤية في الله سبحانه، مضافا إلى أن الشيء الموجود الخارجي لا يدرك منه بالحواس الظاهرة إلا أعراضه الطارئة، كالصوت بالسمع، واللون بالبصر، والرائحة بالشم، والطعم بالذوق، واللين باللمس، والأظهر منها في النظر هو الادراك بالبصر.
والمراد من إدراك الشيء الخارجي بالحواس، إدراك وجوده في الخارج بواسطة إدراك تلك الأمور العارضة، وكل ما يدرك بالبصر لا يلزم أن يكون مدركا بغيره بخلاف العكس، لأن كلما يدرك بغير البصر يدرك بالبصر البتة، فمدرك البصر أعم، كذا قيل وفيه نظر.
والأكمل الأشيع الأوضح من إدراك الحواس هو الإدراك البصري، ولذا خص بالذكر كما قال تعالى: ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار﴾ (2)، وفسر الأبصار في الآية بالأوهام أيضا كما قد يعبر عنها بالأنظار.
وهذا إشارة إلى قول علي (عليه السلام) في حديث ذعلب اليماني: ويلك لا تدركه الأبصار بمشاهدة العيان، وإنما يدركه القلوب بحقائق الإيمان (3).