وفي حديث هشام بن الحكم في إثبات الصانع: إن الأشياء لا تدرك إلا بأمرين، الحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراك بالمداخلة، وإدراك بالمماسة، وإدراك بلا مداخلة ولا مماسة، فاما الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم، واما الإدراك بالمماسة فمعرفة الاشكال من التربيع والتثليث، ومعرفة اللين والخشن، والحر والبرد.
واما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر، فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، ولإدراك البصر سبيل وسبب، فسبيله الهواء وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائما، أدرك ما يلاقي من الأمور والأشخاص، فإذا حمل البصر على مالا سبيل له في إنفاذه لم يدركه.
وأما القلب فإنما سلطانه على الهواء، فهو يدرك جميع ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد، فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود، كما قلناه في البصر، تعالى الله عن ذلك كله.
واللسان العضو المخصوص، قال في المصباح: هو يذكر ويؤنث، فمن ذكر جمعه على ألسنة، ومن أنث جمعه على ألسن، قاعدة كلية حيث قالوا: فعيل أو فعال - بالتثليث - إذا كان مؤنثا، جمع على أفعل نحو يمين وأيمن، ولسان وألسن، وإن كان مذكرا جمع على أفعلة كرغيف وأرغفة، ولسان وألسنة (١).
قال أبو حاتم: والتذكير في اللسان أكثر، وهو في القرآن كله مذكر، وأما اللسان بمعنى اللغة كاللسن - بكسر اللام - فهو مؤنث، وقد يعتبر معنى اللفظ فيذكر فيقال: لسانه فصيح كما يقال فصيحة، قال تعالى: ﴿بلسان عربي مبين﴾ (2)، وفي الخبر قال: ((يبين الألسن ولا تبينه الألسن)) (3).