وعليم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا فان جميع حركاتهم وسكناتهم في ظواهرهم وبواطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به إلى أن قال: حتى أنهم وهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والامثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق. انتهى كلامه. قال حتى أنهم وهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا، ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والامثال إلى درجات يضيق عنها نطاق المنطق.
وقال تلميذه القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه (قانون التأويل) ذهبت الصوفية إلى أنه إذا حصل للانسان طهارة النفس وتزكية القلب، وقطع العلائق، وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال والخلطة بالجنس، والاقبال على الله تعالى بالكلية علما دائما وعملا مستمرا كشفت له القلوب ورأى الملائكة وسمع أقوالهم وأطلع على أرواح الأنبياء والملائكة وسمع كلامهم، ثم قال ابن العربي ورؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم ممكن للمؤمن كرامة، والكافر عقوبة.
وقال ابن الحاج في (المدخل) رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة باب ضيق وقل من يقع له ذلك الا من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالبا مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله تعالى في بواطنهم وظواهرهم قال: وقد أنكر بعض علماء الظاهر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وعلل ذلك بأن قال: (العين فانية لا ترى العين الباقية) والنبي صلى الله عليه وسلم في دار البقاء والرائي في دار الفناء وقد كان سيدي أبو محمد بن أبي جمرة يحل هذا الاشكال ويرده بأن المؤمن إذا مات يرى الله تعالى وهو لا يموت والواحد منهم يموت في كل يوم سبعين مرة. انتهى.
وقال الشيخ عفيف الدين اليافعي - رحمه الله تعالى - في (روض الرياحين) والشيخ صفي الدين بن أبي المنصور في (رسالته) قال الشيخ الكبير قدوة الشيوخ العارفين وبركة أهل زمانه أبو عبد الله القرشي لما جاء الغلاء الكبير إلى ديار مصر توجهت لان أدعو فقيل لي لا تدع فما يسمع لاحد منكم في الامر دعاء فسافرت إلى الشام فلما وصلت إلى قريب ضريح الخليل - عليه الصلاة والسلام - تلقاني الخليل، فقلت يا رسول الله: اجعل ضيافتي عندك الدعاء لأهل مصر فدعا لهم ففرج الله تعالى عنهم.
قال اليافعي: وقوله: (تلقاني الخليل) قول حق لا ينكره الا جاهل بمعرفة ما يرد عليهم من الأحوال التي يشاهدون فيها ملكوت السماوات والأرض وينظرون الأنبياء أحياء غير