ورده إلى حد يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزيز والتوقير، ولم يتناول النهي أيضا رفع الصوت الذي يتأذى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما كان منهم في حرب أو مجادلة معاند أو ارهاب عدو أو ما أشبه ذلك.
تنبيه:
قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه، ذلك في مجلسه عند تلفظه به وقد نبه الله تعالى على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا) (الأعراف / 204) وكلام النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي وله من الحكمة مثل ما للقرآن الا معاني مستثناة، ببيانها في كتب الفقه فإذا كان رفع الصوت فوق صوته يحبط العمل فما الظن برفع الامراء ونقائح الأفكار على سننه وما جاء به.
السادسة: وبأن أصحابه إذا كانوا معه على أمر جامع كخطبة وجهاد ورباط لم يذهب أحد منهم في حاجة حتى يستأذنوه أي لم يذهب أحد في حاجة حتى يستأذنه.
كما قال الله تعالى: (انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه) (النور / 62) فإذا كان هذا مذهبا مقيدا أرضا فيه لحاجة لم يوسع لهم فيه الا باذنه فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين، أصوله وفروعه دقيقه وجليله هل يشرع الذهاب إليه بدون استئذان (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) (النحل / 43).
السابعة: وبتحريم ندائه من وراء الحجرات كما قال الله تعالى: (ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) (الحجرات 4).
وجه الاستدلال أن الله تعالى وصف فاعل ذلك بعدم العقل أي عقل الأحكام الشرعية فدل على أن من الأحكام الشرعية أن لا يناديه من وراء الحجرات.
الثامنة: وبتحريم ندائه باسمه مثل يا محمد يا أحمد، ولكن ينادي يا نبي الله، يا رسول الله، يا خيرة الله ونحو ذلك قال الله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) (النور / 63).
قال سعيد بن جبير ومجاهد بلغني قولوا يا رسول الله في رفق ولين، ولا تقولوا يا محمد بتهجم.