الأول: ما يقصد به الدعاء بالتسليم عليه من الله سواء كان بلفظ الغيبة أو الحضور كقولنا عليه الصلاة والسلام ويا رسول الله صلى الله عليك وسلم أو عليك الصلاة والسلام سواء كان من الغائب عنه أو الحاضر عنه، وهذا هو الذي قيل باختصاصه صلى الله عليه وسلم عن الأمة حتى لا يسلم على غيره من الأمة: الا تبعا كالصلاة عليه فلا يقال فلان - عليه السلام -.
الثاني: ما يقصد به التحية كسلام الزائر إذا وصل إلى قبره وهو غير مختص به بل يعم الأمة وهو الرد على المسلم بنفسه أو برسوله فيحصل ذلك منه صلى الله عليه وسلم، وأما الأول: فالله أعلم فان ثبت امتاز الثاني بالقرب والخطاب والا فقد جزم من يرد هذه الفضيلة وهو مقتضى ما فسر به الحديث الامام الجليل أبو (1) عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقبري أحد أكابر شيوخ البخاري حيث قال في قوله: (ما من أحد يسلم علي) الحديث هذا في الزيارة (إذا زارني فسلم علي رد الله علي روحي حتى أرد عليه)، وأما حديث (أتاني ملك فقال يا محمد أما يرضيك أن لا يصلي عليك أحد من أمتك الا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك الا سلمت عليه عشرا) فالظاهر أنه في السلام على النوع الأول.
الخامسة: وبتحريم رفع الصوت، قال الله - سبحانه وتعالى -: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) (الحجرات / 2) فنهى الله تعالى عن رفع الصوت فوق صوته وشدد النهي بقوله (أن تحبط أعمالكم) (الحجرات / 2) لارتكابكم لهذا الذنب فدل ذلك على أنه حرام بل كبيرة، لان توعدهم على ذلك باحباط العمل.
قال الإمام الرازي والأصح أن المراد به رفع الصوت حقيقة لان رفع الصوت دليل على قلة الاحتشام وترك الاحترام.
قال العلماء: ومعنى الآية الامر بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته أي إذا نطق ونطقتم فعليكم ألا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه بصوته وأن تضغوا منها بحيث يكون كلامه غالبا لكلامكم وجهره باهرا لجهركم حتى تكون مزيته عليكم لائحة وسابقته واضحة.
قال القرطبي في تفسيره: وليس الغرض برفع الصوت والا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة، لان ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون وانما الغرض صوت هو في نفسه والمسموع من حرسه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر به الكبراء فيتكلف الغض منه