الكتابة كالامام الباجي وأبي ذر الصروي وأبو الفتح النيسابوري وأبي جعفر السمناني الأصولي.
وقالوا: عدم معرفته كان بسبب المعجزة ولما أمن الارتياب في ذلك عرف حينئذ الكتابة من غير تقدم تعليم فكانت معجزة أخرى، ورجع عن ذلك أبو ذر كما في المعجزات سيأتي.
فكانت معجزته عن ذلك أمو كما الجواب أن قصة الحديبية واحدة، وقد وردت بألفاظ مختلفة وان الكاتب فيها هو علي لما وقع التصريح به في حديث المسور وفي رواية في حديث البراء ذكره البخاري في الجزية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: (امح رسول الله فقال علي: والله لا أمحاه أبدا، قال: فأرنيه، قال: فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده.
وذكر مسلم نحوه. فيحتمل أن النكتة في قوله: (فأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب لبيان قوله أرني إياها، انه ما احتاج أن يريه موضع الكلمة والتي امتنع علي من محوها الا لكونه كان لا يحسن الكتابة، وعلى أن قوله بعد ذلك، (فكتب) فيه حذف تقديره فمحاها، فأعادها لعلي فكتب، وبهذا جزم ابن التين قلت: هذا ويحمل قوله (فكتب) علي أنه أمر بالكتابة...
ويؤيده الرواية الأخرى للبخاري من حديث أنس - رضي الله تعالى عنه - بلفظ: لما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب: محمد رسول الله، فتحمل الرواية الأولى على أن قوله: فكتب أي فأمر بالكتابة وهو كثير لحديث ابن عباس: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وحديث كتب إلى النجاشي.
وحديث عبد الله بن عكيم: كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث كتب إلى كسرى.
ويدل عليه أيضا رواية المسور في الصحيح أيضا في هذه القصة ففيها: (والله، اني رسول الله، وان كذبوني فاكتب: محمد بن عبد الله).
وحكى مغلطاي في الزهر الباسم، ان الحافظ أبا ذر الهروي رأى في المنام أنه دخل مسجد المدينة فرأى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشق ويميد ولا يستقر، فاندهش لذلك، وقال في نفسه: لعل هذا بسبب اعتقادي، ثم عقدت التوبة مع نفسي فسكن واستقر، فلما استيقظ قص الرؤيا على ابن معور فعبرها له كذلك الحافظ ابن معور، من غير أن ينسبه إلى نفسه فقال ابن معور: بغير صنعته أو ينحله ما ليس له بأهل ولعله مفترى عليه.
فقال: من أين قلت هذا؟ قال: من قول الله تعالى: (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، أن دعوا للرحمن ولدا، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) (مريم / 90 - 91 - 92) فقال: لله درك وأقبل يقبل عينيه مرة ويبكي ويضحك مرة