العاشرة: وبوجوب المشاورة على الأصح، وقيدها الامام - رضي الله تعالى عنه - بمشاورة ذوي الأحلام، وهم ذوو العقول.
وقال صاحب التعليقة: خص صلى الله عليه وسلم بوجوب المشاورة في الامر مع أهله وأصحابه.
قال الله - سبحانه وتعالى -: (وشاورهم في الامر) (آل عمران / 159). والأظهر أن الامر هنا للوجوب.
روى ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: لما نزلت (وشاورهم في الامر) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما ان الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمة لامتي)، وتقدمت في ذلك أحاديث في باب مشاورته صلى الله عليه وسلم من أبواب صفاته المعنوية.
قال الماوردي: اختلف العلماء فيما يشاور فيه، فقال قوم: في الحروب ومكابدة العدو خاصة.
وقال آخرون: في أمور الدنيا والدين.
وقال آخرون: في أمور الدين تنبيها لهم على علل الاحكام وطريق الاجتهاد.
قلت: ويؤيد الأول ما رواه الطبراني بسند جيد عن ابن عمر قال: كتب أبو بكر الصديق إلى عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشاور في الحرب، فعليك به.
تنبيه: وجوب المشاورة عليه هو الأصح عند الشيخين، لكن نص الشافعي على عدم وجوبها، حكاه البيهقي في المعرفة عند استئذان البكر.
الحادية عشرة: قيل: وبالاستعاذة عند القراءة.
الثانية عشرة: وبوجوب مصابرة العدو، وان كثر عددهم، والأمة انما يلزمهم إذا لم يروا عدد الكفار على الضعف، قال القاضي جلال الدين البلقيني: ولم يذكر أئمتنا لهذه المسألة دليلا، ولا يقال: قد صح عنه صلى الله عليه وسلم مصابرة العدو في غير موضع، وصاب يوم أحد بعد أن أفرد في اثني عشر رجلا كما في الصحيح، وصابر يوم حنين بعد أن أفرد في عشرة كما قاله العباس عمه في شعره، وتقدم إليهم وقال: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.
لأن هذه الوقائع لا تدل على الوجوب وانما تدل على شجاعته صلى الله عليه وسلم.
وقال الماوردي: قد يقال من الدليل على ذلك: ان فرار الانسان وتوليه عند الزحف من خوف القتل. وذلك غير جائز على الأنبياء من جهة أنهم معصومون وبأنهم في أعلى مكان، فيعلمون أنه لا يتعجل شئ عن وقته، ولا يتأخر شئ عن وقته بخلاف غيرهم من المكلفين،