أشار إلى الحلاق، فحلق جانبه الأيسر، ثم قال: (ها هنا أبو طلحة)، فدفعه إليه.
قال ابن سعد: وحلق رأسه وأخذ من شاربه وعارضيه وقلم أظفاره وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن (1).
وروى البخاري، عن ابن سيرين، عن أنس - رضي الله تعالى عنه - (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ شعره، قال: وهذا لا يناقض رواية مسلم: لجواز أن يصيب أبا طلحة من الشق الأيمن مثل ما أصاب غيره، ويختص بالشق الآخر، لكن قد روى مسلم - أيضا - من حديث أنس (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال: (احلق) فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: (اقسمه بين الناس).
ففي هذه الرواية، كما ترى أن نصيب أبي طلحة كان الشق الأيمن وفي الأولى أنه كان الأيسر وفي رواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه أم سليم ولا يعارض هذا دفعه لأبي طلحة لأنها امرأته، وفي لفظ: فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال: بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال: (ها هنا أبو طلحة) فدفعه إليه، وفي لفظ ثالث: دفع إلى أبي طلحة شعر شق رأسه الأيسر، ثم أظفاره وقسمها بين الناس.
وكلمه خالد بن الوليد في ناصيته حين حلق فدفعها إليه فكان يجعلها في مقدم قلنسوته، فلا يلقى جمعا إلا فضه.
وحلق أكثر أصحابه - صلى الله عليه وسلم - وقصر بعضهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اللهم اغفر للمحلقين)، ثلاثا كل ذلك يقال: والمقصرين يا رسول الله، فقال: (والمقصرين في الرابعة).
قلت قال ابن سعد: وأصاب الطيب بعد أن حلق، ولبس القميص، وحل الناس، وجاءه رجل فقال: يا رسول الله حلقت قبل أن انحر قال: (انحر ولا حرج)، ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله إني أفضت قبل أن أنحر. قال: (احلق ولا حرج)، فما سئل عن شئ يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) (2). وبعث عبد الله بن حذافة السهمي، وقيل: كعب بن مالك ينادي في الناس، بمنى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنها أيام أكل وشرب وذكر الله) (3).