الباب الثالث في محبته - صلى الله عليه وسلم - لسماع القرآن من غيره:
روي عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعائشة مرا بأبي موسى - وهو يقرأ في بيته فقاما يسمعان لقراءته، ثم إنهما مضيا فلما أصبح لقي أبا موسى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يا أبا موسى مررت البارحة ومعي عائشة، وأنت تقرأ في بيتك، فقمنا واستمعنا)، فقال له أبو موسى يا رسول الله: لو علمت لحبرته تحبيرا (1).
وروى أيضا بسند حسن، عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قعد أبو موسى في بيته واجتمع إليه ناس فأنشأ يقرأ عليهم القرآن قال: فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: ألا أعجبك من أبي موسى أنه قعد في بيت واجتمع إليه ناس فأنشأ يقرأ عليهم القرآن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أتستطيع أن تقعدني من حيث لا يراني أحد منهم؟) قال: نعم. فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقعده الرجل من حيث لا يراه منهم أحد، فسمع قراءة أبي موسى، فقال: (إنه يقرأ على مزمار من مزامير آل داود) (2).
وروى الشيخان عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اقرأ علي القرآن). فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (أحب أن أسمعه من غيري)، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال: (حسبك الآن). فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان (3).