ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: ((أليس ذو الحجة؟) قلنا: بلى، قال: (فأي بلد هذا؟) قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: (أليس البلدة؟) قلنا: بلى. قال فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد - وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه)، ثم قال: ((ألا هل بلغت؟) قلنا: نعم، قال: (اللهم فاشهد). رواه الإمام أحمد والشيخان (1).
وروى الإمام أحمد، والبخاري، عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: (خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، فقال: (أيها الناس: أي يوم هذا؟ قالوا يوم حرام، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام، قال: (فإن دماءكم، وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا). فأعادها مرارا، ثم رفع رأسه [إلى السماء] فقال: (اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت؟) (2).
وروى الشيخان نحوه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: (ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة؟) قالوا شهرنا هذا، قال: (ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟) قالوا: بلدنا هذا، قال: (ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟) قالوا:
يومنا هذا، قال: (فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت ثلاثا؟) كل ذلك يجيبونه ألا نعم قال: (ويحكم أو قال: ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) (3).
ثم انصرف إلى النحر بمنى، فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده بالحربة وكان ينحرها قائمة معقولة اليسرى وكان عدد هذا الذي نحره عدد سنين عمره - صلى الله عليه وسلم - ثم أمسك وأمر عليا أن ينحر ما بقي من المائة، ثم أمره أن يتصدق بجلالها وجلودها ولحومها، في المساكين، وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئا منها، وقال: (نحن نعطيه من عندنا، وقال: من شاء اقتطع).
قلت: في حديث ابن جريج عن جعفر بن محمد عن جابر ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها والله تعالى أعلم.
قال ابن جريج: قلت من الذي أكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرب من المرق؟ قال جعفر: