لا يستمسك على الراحلة - فأمرها أن تحج عنه، وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فوضع يده على وجهه فصرفه إلى الشق الآخر لئلا تنظر إليه ولا ينظر إليها.
قلت في حديث جابر وكان الفضل رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، والله تعالى أعلم.
فقال العباس لويت عنق ابن عمك، فقال: (رأيت شابا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما).
وسأله آخر هناك عن أمه، وقال: (إنها عجوز كبيرة، وإن حملتها لم تستمسك وإن ربطتها خشيت أن أقتلها)، قال: (أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيه؟) قال: نعم. قال (فحج عن أمك) فلما أتى بطن محسر حرك ناقته وأسرع السير، وهذه كانت عادته - صلى الله عليه وسلم - في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه، فإن هنالك أصاب الفيل ما قص الله علينا. ولذلك سمي الوادي وادي محسر، لأن الفيل حسر فيه أي أعيى وانقطع عن الذهاب.
ومحسر برزخ بين منى ومزدلفة لا من هذه ولا من هذه، وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس منها، فمنى من الحرم، وهي مشعر، ومحسر من الحرم وليس بمشعر، ومزدلفة حرم ومشعر، وعرنة ليست بمشعر، وهي من الحل وعرفة حل ومشعر.
قلت: كذا في أكثر الروايات.
وفي حديث أم جندب، عند أبي داود وغيره، أنه كان راكبا يظله الفضل بن العباس وهو غريب مخالف للروايات الصحيحة (1).
وسلك الطريق الوسطى بين الطريقين، وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى منى.
قلت: قال ابن سعد: ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
(فأتى جمرة العقبة فوقف في أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، واستقبل الجمرة، وهو على راحلته فرماها راكبا بعد طلوع الشمس، واحدة بعد واحدة، يكبر مع كل حصاة، وحينئذ قطع التلبية وكان في مسيره ذلك يلبي حتى شرع في الرمي، وبلال وأسامة معه، أحدهما آخذ بخطام ناقته، والآخر يظله بثوب من الحر).
قلت: الذي كان يظله بلال كما في حديث أبي أمامة، عن بعض الصحابة رواه ابن سعد (2).