الباب الثالث في الجواب عما ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها قال أبو عمر بن عبد البر في قول عائشة (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط: ليس أحد من الصحابة إلا وقد فاته من الحديث ما أحصاه غيره، والإحاطة ممتنعة، فقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الضحى، وحمل البخاري أحاديث الإثبات على الحضر وأحاديث النفي على السفر، ويؤيد حديث ابن عمر على السفر أنه كان لا يسبح على السفر ويقول لو كنت مسبحا لأتممت، فيحمل على نفيه لصلاة الضحى، على عادته المعروفة في السفر).
قال في الهدى: واختلف الناس في هذه الأحاديث على طرق: فمنهم من رجح رواية الفعل على الترك، بأنها مثبتة تتضمن زيادة علم [خفيت] على النافي، قالوا: ويجوز أن يذهب علم مثل هذا على كثير من الناس، ويوجد عند الأقل، قالوا: وقد أخبرت عائشة، وأنس، وجابر، وأم هانئ وعلي بن أبي طالب أنه صلاها، قال: (ويؤيد هذا الأحاديث الصحيحة المتضمنة للوصية بها، والمحافظة عليها، ومدح فاعليها، والثناء عليه).
قال الحاكم: وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وأبي ذر الغفاري، وزيد بن أرقم، وأبي هريرة، وبريدة الأسلمي، وأبي الدرداء، وعبد الله بن أبي أوفى، وعتبان بن مالك، وأنس بن مالك وعتبة بن عبد السلمي، ونعيم بن هماز الغطفاني وأبي أمامة الباهلي، ومن النساء عائشة بنت أبي بكر، وأم هانئ وأم سلمة كلهم، شهدوا: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها).
وذكر الطبراني من حديث علي، وأنس، وعائشة، وجابر (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها ست ركعات).
وطائفة ثانية ذهبت إلى أحاديث الترك ورجحتها من جهة صحة إسنادها، وعمل الصحابة بموجبها.
وطائفة ثالثة إلى استحباب فعلها غبا، فتصلى في بعض الأيام دون بعض.
وطائفة إلى أنها إنما تفعل بسبب من الأسباب، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعلها كذلك يوم الفتح.