جشم وهو في أسفل الوادي، لما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة والإحلال، يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى فقال: (لا)، ثلاث مرات، ثم قال: (دخلت العمرة في الحج مرتين أو ثلاثا إلى الأبد)، بل الأبد فحل الناس كلهم إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي).
قلت: وأمره - صلى الله عليه وسلم - من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة، رواه عنه خلائق من الصحابة.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال مالك، والشافعي، كان ذلك من خصائص الصحابة، ثم نسخ جواز الفسخ كغيرهم، وتمسكوا بما رواه مسلم، عن أبي ذر لم يكن فسخ الحج إلى العمرة إلا إلى أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الإمام أحمد فرد ذلك وجوز الفسخ لغير الصحابة.
وهناك دعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثا، وللمقصرين مرة.
فأما نساؤه فأحللن وكن قارنات إلا عائشة فإنها لم تحل من أجل تعذر الحل عليها بحيضتها، وفاطمة حلت، لأنها لم يكن معها هذي، وعلي لم يحل من أجل هديه، وأمر من أهل بإهلال كإهلاله - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم على إحرامه، إن كان معه هدي، وأن يحل من لم يكن معه هدي.
قلت: ورواه الطبراني - برجال ثقات - والله تعالى أعلم.
وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل يوم التروية بيوم، فقلنا عدا إن شاء الله تعالى بالخيف حيث استقسم المشركون، ثم سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه حتى نزل الأبطح شرقي مكة في قبة حمراء من أدم ضربت له هناك، وهناك كما قال ابن كثير - قدم علي من اليمن ببدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرشا لفاطمة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (صدقت) ثلاثا (أنا أمرتها، يا علي بم أهللت؟)، قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال: ومعي هدي قال: (فلا تحل)، فكان جملة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي ساقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة مائة بدنة، وكان يصلي مدة مقامه هنا إلى يوم التروية بمنزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين بظاهر مكة، فأقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة. الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء.
قلت: ولم يعد إلى الكعبة كما في الصحيح عن ابن عباس.
وفي حديث أبي جحيفة عند الإمام أحمد، والشيخين، أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح وهو في قبة له حمراء فخرج بلال بفضل وضوئه فمن ناضح ومن نائل، قال: فأذن بلال، فكنت أتتبع فاه ها هنا وها هنا، يعني يمينا وشمالا - ثم خرج بلال بالعنزة بين يديه،