على الصفا، والثاني: على المروة، والثالث: بعرفة، والرابع: بمزدلفة، والخامس: عند الجمرة الأولى، والسادس: عند الجمرة الثانية.
وخطب - صلى الله عليه وسلم - الناس بمنى خطبة عظيمة.
قلت قال ابن سعد: على راحلته القصواء.
قال عمرو بن خارجة وهي تقصع بجرتها، وإن لعابها ليسيل بين كتفي في وسط أيام التشريق. فقيل: هو ثاني يوم النحر، وهو أوسطها - أي خيارها - لما سيأتي. وهو الحادي عشر من ذي الحجة، وهو يوم الرؤوس سمي بذلك لأنهم كانوا يذبحون يوم النحر ثم يطبخون الرؤوس تلك الليلة فيبكرون على أكلها، وكان عم أبي حرة الرقاشي آخذ بزمام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذود عنه الناس.
وسببها أنه - صلى الله عليه وسلم - أنزلت عليه سورة النصر في هذا اليوم، فعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له، فوقف للناس بالعقبة، فاجتمع إليه الناس، وفي رواية: ما شاء الله من المسلمين، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل بلغت؟) قالوا: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع)، ثم قال: (أي شهر هذا؟) فسكتوا قال: يوم حرام ثم قال: (إن الله تعالى قد حرم دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، كحرمة شهركم هذا، في بلدكم هذا، في يومكم هذا، إلى أن تلقوا ربكم، ألا هل بلغت؟) قالوا: نعم، قال: (اللهم اشهد، ثم قال: إنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم)، ألا هل بلغت؟ قال: الناس نعم، قال: (اللهم اشهد، ألا وإن من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع وأن كل دم في الجاهلية موضوع وأن أول دمائكم أضع دم إياس بن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد بن ليث فقتلته هذيل)، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم قال: (اللهم فاشهد فليبلغ الشاهد الغائب، ألا إن كل مسلم محرم على كل مسلم. ثم قال: اسمعوا مني تعيشوا ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا. ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).
فقال عمرو بن يثربي يا رسول الله أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي فأخذت شاة فاحترزتها، فقال: إن لقيتها تحمل شفرة وأزنادا بخبت الجميش فلا تهجها.
ثم قال أيها الناس: (إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما