وروى الشيخان، عن ابن عباس قال: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه.
قال ابن القيم: وهذا الطواف ليس بطواف الوداع فإنه كان ليلا، وليس بطواف القدوم، لوجهين:
أحدهما: أنه قد صح عنه. أن الرمل في طواف القدوم. ولم يقل أحد قط رملت به راحلته وإنما قالوا رمل نفسه.
والثاني قول عمرو بن الشريد: أفضت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعا، وهذا ظاهره، أنه من حين أفاض معه، ما مست قدماه الأرض إلى أن رجع، ولا ينقض هذا بركعتي الطواف، فإن شأنهما معلوم، قال: والظاهر أن عمرو بن الشريد إنما أراد الإفاضة معه من عرفة، ولهذا قال: حتى أتى جمعا وهي مزدلفة، ولم يرد الإفاضة إلى البيت يوم النحر، ولا ينقض هذا بنزوله عند الشعب حين بال ثم ركب، لأنه ليس بنزول مستقر، وإنما مست قدماه الأرض مسا عارضا.
ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - إلى منى.
واختلف: أين صلى الظهر يومئذ؟ ففي الصحيحين عن ابن عمر: أنه - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. وفي مسلم عن جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمكة، وكذلك قالت عائشة واختلف في ترجيح أحد القولين على الآخر.
ورجح أبو محمد بن حزم وغيره الثاني، ورجح ابن القيم الأول.
وقال ابن كثير: فإن علمنا بها أمكن أن يقال: إنه عليه الصلاة والسلام صلى الظهر بمكة، ثم رجع إلى منى فوجد الناس ينتظرونه، فصلى بأصحابه بمنى أيضا.
وطافت عائشة في ذلك اليوم طوافا واحدا وسعت سعيا واحدا أجزأها عن حجها وعمرتها وقال في موضع آخر: يحتمل أنه رجع إلى منى، في آخر وقت الظهر، فصلى وطافت صفية ذلك اليوم. ثم حاضت، قال: فأجزأها طوافها ذلك عن طواف الوداع ولم تودع.
وكان رمي الجمار حين تزول الشمس قبل الصلاة، وكان إذا رمى الجمرتين علاهما ورمى جمرة العقبة من بطن الوادي.
وكان يقف عند الجمرة الأولى أكثر مما يقف عند الثانية، ولا يقف عند الثالثة، وإذا رماها انصرف، وكان إذا رمى الجمرتين وقف عندهما، ورفع يديه لا يقول ذلك في رمي العقبة فإذا رماها انصرف.