البيت فوحد الله - تعالى - وكبره وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، ثم دعا بين ذلك، قال مثل ذلك ثلاث مرات).
وقام ابن مسعود على الصدع، وهو: الشق الذي في الصفا، فقيل له ها هنا يا أبا عبد الرحمن، قال: هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة، ثم نزل إلى المروة يمشي، فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى كذا في حديث جاب عند الإمام أحمد ومسلم من طريق جعفر بن محمد (1).
قالا: لكن روى الإمام أحمد، ومسلم عن محمد بن بكر، والنسائي عن شعيب بن إسحاق ومسلم عن علي بن شهر وعيسى بن يونس كلهم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على راحلته بالبيت، وبين الصفا والمروة ليراه الناس، قلت وبكونه سعى راكبا جزم ابن حزم.
وظاهر الأحاديث عن جابر وغيره، يقتضي أنه مشى خصوصا قوله فلما انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى. وجزم ابن حزم: بأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده.
قال ابن كثير وهذا بعيد جدا.
قالا: وفي المجمع بينهما وجه أحسن من هذا وهو: أنه سعى ماشيا أولا، ثم أتم سعيه راكبا، وقد جاء ذلك مصرحا به، ففي صحيح مسلم، عن أبي الطفيل، قال قلت لابن عباس:
أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا، أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة. قال:
(صدقوا وكذبوا)، قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا قال: ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، حتى خرج عليه العواتق من البيوت قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يضرب الناس بين يديه، قال: فلما كثر عليه الناس ركب، المشي أفضل.
قلت: (وفي حديث يعلى بن أمية عند الإمام أحمد أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطبعا بين الصفا والمروة ببرد نجراني) (2).
وروى النسائي والطبراني برجال الصحيح، عن أم ولد شيبة بن عثمان (أنها أبصرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول: (لا يقطع الأبطح إلا شدا) (3).