فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلى من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى، والله ما كان دين أبغض إلى من دينك فأصبح دينك أحب الدين إلى، والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلى، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟
فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل:
أصبوت؟ قال: لا ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه البخاري في موضع آخر ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم عن قتيبة عن الليث به.
وفى ذكر البخاري هذه القصة في الوفود نظر.
وذلك أن ثمامة لم يفد بنفسه وإنما أسر وقدم به في الوثاق فربط بسارية من سواري المسجد.
ثم في ذكره مع الوفود سنة تسع نظر آخر، وذلك أن الظاهر من سياق قصته أنها قبيل الفتح، لان أهل مكة عيروه بالاسلام وقالوا: أصبوت؟ فتوعدهم بأنه لا يفد إليهم من اليمامة حبة حنطة ميرة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل على أن مكة كانت إذ ذاك دار حرب لم يسلم أهلها بعد. والله أعلم.
ولهذا ذكر الحافظ البيهقي قصة ثمامة بن أثال قبل فتح مكة وهو أشبه، ولكن ذكرناه هاهنا اتباعا للبخاري رحمه الله.
* * * وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن عبد الله بن أبي حسين،