ابن شهاب، قال: حدثني أنس بن مالك أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم.
ثم علقه البخاري عن إبراهيم بن سعد الزهري المدني وشعيب بن أبي جمرة وزياد ابن سعد الخراساني، وأخرجه مسلم من حديثه، وانفرد أبو داود بعبد الرحمن بن خالد ابن مسافر، كلهم عن الزهري كما قال أبو داود، خاتما من ورق.
والصحيح أن الذي لبسه يوما واحدا ثم رمى به إنما هو خاتم الذهب، لا خاتم الورق، لما ثبت في الصحيحين عن مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: كان رسول الله يلبس خاتما من ذهب، فنبذه وقال: لا ألبسه أبدا، فنبذ الناس خواتيمهم.
وقد كان خاتم الفضة يلبسه كثيرا، ولم يزل في يده حتى توفى صلوات الله وسلامه عليه، وكان فصه منه، يعنى ليس فيه فص منفصل عنه، ومن روى أنه كان فيه صورة شخص فقد أبعد وأخطأ، بل كان فضة كله وفصه منه، ونقشه: محمد رسول الله ثلاثة أسطر: محمد سطر. رسول سطر. الله سطر.
وكأنه والله أعلم كان منقوشا وكتابته مقلوبة ليطبع على الاستقامة كما جرت العادة بهذا، وقد قيل: إن كتابته كانت مستقيمة، وتطبع كذلك، وفى صحة هذا نظر، ولست أعرف لذلك إسنادا لا صحيحا ولا ضعيفا.
وهذه الأحاديث التي أوردناها أنه عليه السلام كان له خاتم من فضة، ترد الأحاديث التي قدمناها في سنني أبى داود والنسائي من طريق أبى عتاب سهل بن حماد الدلال، عن أبي مكين نوح بن ربيعة، عن إياس بن الحارث بن معيقيب بن أبي فاطمة، عن جده قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من حديد ملوي عليه فضة.
ومما يزيده ضعفا الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود الترمذي والنسائي من حديث