ثم أمره وحثه على القيام في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم وهو مسجد قباء، لما دل عليه السياق والأحاديث الواردة في الثناء على تطهير أهله مشيرة إليه.
وما ثبت في صحيح مسلم من أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينافي ما تقدم، لأنه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى من أول يوم فمسجد الرسول أولى بذلك وأحرى، وأثبت في الفضل منه وأقوى.
وقد أشبعنا القول في ذلك في التفسير ولله الحمد.
والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بذى أوان دعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي - أو أخاه عاصم بن عدي - رضي الله عنهما فأمرهما أن يذهبا إلى هذا المسجد الظالم أهله فيحرقاه بالنار، فذهبا فحرقاه بالنار، وتفرق عنه أهله.
قال ابن إسحاق: وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا وهم، خذام بن خالد - وفى جنب داره كان بناء هذا المسجد - وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وأبو حبيبة ابن الأزعر، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف، وجارية بن عامر، وابناه مجمع وزيد. ونبتل بن الحارث، وبحزج وهو إلى بني ضبيعة، وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية.
* * * قلت: وفى غزوة تبوك هذه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف صلاة الفجر، أدرك معه الركعة الثانية منها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب يتوضأ ومعه المغيرة بن شعبة فأبطأ على الناس، فأقيمت الصلاة فتقدم عبد الرحمن بن عوف، فلما سلم الناس أعظموا ما وقع، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسنتم