قلت: كان شعبة ينكره، وأما البخاري ومسلم فإنهما أثبتاه. والله أعلم.
وقد روى من حديث القاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر وعروة بن الزبير وغير واحد عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه الهدى عام حجة الوداع. وفى إعمارها من التنعيم ومصادفتها له منهبطا على أهل مكة وبيتوته بالمحصب حتى صلى الصبح بمكة ثم رجع إلى المدينة.
وهذا كله مما يدل على أنه عليه السلام لم يعتمر بعد حجته تلك، ولم أعلم أحدا من الصحابة نقله.
ومعلوم أنه لم يتحلل بين النسكين، ولا روى أحد أنه عليه السلام بعد طوافه بالبيت وسعيه بين الصفا والمروة حلق ولا قصر ولا تحلل، بل استمر على إحرامه باتفاق، ولم ينقل أنه أهل بحج لما سار إلى منى، فعلم أنه لم يكن متمتعا.
وقد اتفقوا على أنه عليه السلام اعتمر عام حجة الوداع فلم يتحلل بين النسكين ولا أنشأ إحراما للحج ولا اعتمر بعد الحج، فلزم القران. وهذا مما يعسر الجواب عنه والله أعلم.
وأيضا فإن رواية القران مثبتة لما سكت عنه أو نفاه من روى الافراد والتمتع، فهي مقدمة عليها، كما هو مقرر في علم الأصول.
وعن أبي عمران أنه حج مع مواليه، قال: فأتيت أم سلمة فقلت: يا أم المؤمنين إني لم أحج قط، فأيهما أبدأ بالعمرة أم بالحج؟ قالت: ابدأ بأيهما شئت.
قال: ثم أتيت صفية أم المؤمنين فسألتها فقالت لي مثل ما قالت لي، ثم جئت أم سلمة فأخبرتها بقول صفية فقالت لي أم سلمة: سمعت، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" يا آل محمد من حج منكم فليهل بعمرة في حجة ".
رواه ابن حبان في صحيحه، وقد رواه ابن حزم في حجة الوداع من حديث الليث ابن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم، [عن] (1) أبى عمران، عن أم سلمة به.