فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي، حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت: يا رسول الله ما عندك من علم الغيب؟
فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أنى أبتغي لسقطه، فقال: " ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله " وأشار بيده. قلت: وما هي؟
قال: " علم المنية، قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه، وعلم [المنى حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمون] (1) وعلم ما في غد وما أنت طاعم غدا ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم أزلين مسنتين (2) فيظل يضحك قد علم أن غيركم إلى قريب ".
قال لقيط: قلت لن نعدم من رب يضحك خيرا. وعلم يوم الساعة.
قلنا: يا رسول الله علمنا مما لا يعلم الناس ومما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدقون تصديق (3) أحد، من مذحج التي تربو علينا وخثعم التي توالينا وعشيرتنا التي نحن منها.
قال: تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصائحة، لعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شئ إلا مات، والملائكة الذين مع ربك فأصبح ربك عز وجل يطوف في الأرض قد خلت عليه البلاد، فأرسل ربك السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى تخلقه من عند رأسه، فيستوى جالسا، فيقول ربك عز وجل: مهيم؟ لما كان فيه - فيقول: يا رب أمس اليوم، فلعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله.
قلت: يا رسول الله كيف يجمعنا بعد ما تفرقنا الرياح والبلى والسباع.
فقال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، في الأرض أشرفت عليها وهي مدرة بالية فقلت لا تحيا أبدا. ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عليك أيام حتى أشرفت عليها