يوليه غلظة وشدة، طلبا لتأديبه ورغبة في تهذيبه، فكان عليه السلام في ذلك من الموصوفين بقوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.
وأما الشجاعة والنجدة والقوة فاتصافه بذلك أشهر من النهار، وأظهر من الشمس لذوي الابصار، أقر بذلك المؤالف والمخالف، واعترف به العدو والمخالف وشهد به الولي والحسود، وأسجل بصحته السيد والمسود، وذل لسطوته وصرامته الأساود والأسود، هو الذي دوخ الفرسان، وأذل الشجعان، وكان وكان، من كأبي حسن إذا احمر البأس وحام الناس، قسوا ولانوا فلهم هذه وهذه في العنف والرفق، وسأذكر في تضاعيف هذا الكتاب من ذلك ما يكون عبرة لاولى الألباب.
وأما علم القضاء والاحكام ومعرفة الحلال والحرام فقد تقدم من ذكره ما لعله كاف شاف، وبما يراد من الغرض واف، وقضاياه التي اشتهرت وأحكامه التي ظهرت تشهد بمكانه ومحله، وتنبئ عن شرفه ونيله، وتقضى بعلو مكانه وفضله.
فمن أحكامه انه رفع إليه عليه السلام ان شريحا القاضي قد قضى في امرأة ماتت وخلفت زوجا وابني عم أحدهما أخ لام، وقد أعطى الزوج النصف من تركتها وأعطى الباقي لابن عمها الذي هو أخوها من أمها، وحرم الاخر فأحضره علي عليه السلام قال له: ما أمر بلغني عن قضائك في قضية الامرأة المتوفاة؟
قال: يا أمير المؤمنين قضيت بكتاب الله تعالى، وأجريت ابن العم بكونه أخا من أم مجرى أخوين أحدهما من أب والاخر من أم فأنكر عليه علي عليه السلام وقال: أفى كتاب الله تعالى ان الباقي بعد الزوج لابن العم الذي هو أخ من أم قال: لا، قال: فقد قال الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة