كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج ١ - الصفحة ١٤٣
بالسراب، فإنه قد أبان في هذا الحديث عن عدة أمور تدل على بهتانه، وتنبئ انه ثنى عن الهدى فضل عنانه، وركب هواه جامحا في باطله، تابعا لشيطانه، وملك حب الدنيا قلبه فقاده في أشطانه وصدفه عن الآخرة فما تخطر على قلبه ولا تجرى على لسانه.
وبيان ذلك أنه قد يغلب على الانسان هواه عند ميل نفسه إلى أمر ما فيعمى عن الحق ويضل عن الصواب، ويترك الهدى كما قيل حبك الشئ يعمي ويصم، فلا يزال خابطا في جهالته راكبا لهواه متبعا ميل نفسه، حتى إذا بلغ غرضه ونال منيته، وسكنت دواعيه الهائجة: وقرت نفسه التواقة الثائرة راجع الحق وعرفه، ولام هواه وعنفه، واسترجع وندم واضرب عن ذلك الامر ونسيه أو تناساه، وأحب أن لا يذكر ولا تجرى به الألسنة، وسكت من عساه يفيض فيه وبكته، وعادى من أعاده وردده ونكبه، وعرف انه كان مخطئا غير مصيب، وتعلل بأنه جرى القضاء وفات الامر ونفد السهم.
وهذا معاوية كان أعرف الناس بفضل علي عليه السلام وشرفه واستحقاقه هذا الامر ومكانه وقرابته من النبي صلى الله عليه وآله فغلب حب الدنيا معرفته، وترك حظه من الآخرة، وفعل ما فعل من حرب علي عليه السلام ومناصبته وخسر الدنيا والآخرة بما أقدم عليه، ثم هو بعد بلوغه ما أراد وانتقال أمير المؤمنين عليه السلام إلى جوار الله تعالى مستمر على ما كان عليه، لا يراقب الله ولا رسوله ولا يستحى من الصحابة ناطقا بملء ء فيه، اما كنت أحق وأولى بهذا الامر من ابن عمك؟ ثم جعله الدليل على استحقاقه كونه ابن عمه عثمان، وهل هذا إلا جهل محض أو تغاب عن الحق وقوله لسعد: لم تعرف حقنا من باطل غيرنا استهانة بالله ورسوله، واستخفاف بجلة الصحابة وجرأة على قول المحال، ثم انكاره ما أورده سعد حتى سأل عنه أم سلمة، وهذا القول وأمثاله من النبي
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الكتاب 2
2 في أسماء النبي صلى الله عليه وآله 7
3 في ذكر مولده صلى الله عليه وآله 13
4 في ذكر نسبه ومدة حياته 15
5 في ذكر آياته ومعجزاته 20
6 ما ظهر من معجزاته بعد بعثته 23
7 في فضل بني هاشم 29
8 في معنى الآل 41
9 في معنى الأهل وحديث الغدير 48
10 في معنى العترة 53
11 في ذكر الإمامة وانهم خصوا بها 55
12 في عدد الأئمة عليهم السلام 57
13 ذكر الامام علي بن أبي طالب عليه السلام 60
14 في كيفية ولادة أمير المؤمنين عليه السلام 61
15 في إثبات خلافة أمير المؤمنين عليه السلام 63
16 ذكر نسبه عليه السلام من قبل أبيه 64
17 ذكر كناه عليه السلام 66
18 ألقابه عليه السلام 68
19 صفته عليه السلام 74
20 في بيعته عليه السلام وما جاء فيها 77
21 ما جاء في إسلامه وسبقه وسنه يومئذ 77
22 في سبقه إلى الاسلام 81
23 في ذكر الصديقين 87
24 في محبة الرسول إياه وتحريضه على محبته 88
25 في فضل مناقبه 109
26 في انه مع الحق والحق معه 141
27 في بيان انه أفضل الأصحاب 147
28 في وصف زهده في الدنيا 162
29 في شجاعته ونجدته 176
30 غزوة بدر 180
31 غزوة أحد 186
32 غزوة الخندق 196
33 غزوة خيبر 211
34 غزوة الفتح 215
35 غزوة تبوك 227
36 حروبه أيام خلافته 238
37 وقعة الجمل 239
38 حرب صفين 246
39 كتاب معاوية لعمرو بن العاص 257
40 جواب عمرو بن العاص لمعاوية 259
41 موقف عمار بن ياسر في صفين 261
42 ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ابن العاص 265
43 مخاصمة علي عليه السلام للخوارج 267
44 صفاته في بعض مواقفه 271
45 ما ورد في مدحه 273
46 كراماته وأخباره بالمغيبات 276
47 إسلام الراهب على يده 283
48 رد الشمس له بعد غروبها 285
49 في ذكر رسوخ الايمان في قلبه 290
50 في انه أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 292
51 ما نزل من القرآن في شأنه 306
52 في مؤاخذات النبي صلى الله عليه وسلم له 333
53 في ذكر سد الأبواب 338
54 في ذكر أحاديث خاصف النعل 343
55 قول النبي صلى الله عليه وسلم له: أنت وارثي وحامل لوائي 343
56 مخاطبته بأمير المؤمنين 348
57 في ذكر تزويجه بفاطمة عليها السلام 357