لما تعرضت الدنيا عرضت لها بحرص نفس وفي الأطباع ادهان نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها والمرء يأكل نتنا وهو غرثان اما علي فدين ليس يشركه دنيا وذاك له دنيا وسلطان فاخترت من طمعي دنيا على بصر وما معي بالذي أختار برهان انى لأعرف ما فيها وأبصره وفي أيضا لما أهواه ألوان لكن نفسي تحب العيش في شرف وليس يرضى بذل العيش انسان ثم إن عمرا رحل إلى معاوية فمنعه ابنه عبد الله ووردان فلم يمتنع، فلما بلغ مفرق الطريقين الشام والعراق قال له وردان: طريق العراق طريق الآخرة، وطريق الشام طريق الدنيا فأيهما تسلك؟ قال: طريق الشام.
قلت: لا يغنى عبد الله ووردان وقد قاده إلى جهنم الشيطان، وباع حظه من الآخرة وشهد عليه ما جرى على لفظه، فأحله في الساحرة، وكان من جملة آثاره المذمومة وأفعاله المشؤمة رفع المصاحف التي خرج بها الخوارج فتنكبوا بها عن الصراط المستقيم وأخذوا على أمير المؤمنين الرضا بالتحكيم، وانقادوا إلى امتثال أمر الشيطان الرجيم، وهناك نجم أمر الخوارج فأساؤا في التأويل ففارقوا الحق وتنكبوا سواء السبيل، وعملوا بآرائهم المدخولة، فتنوعت لهم فنون الضلالات والأباطيل، وسأذكر كيفية أمرهم وحالهم وما جرى عليهم جزاء كفرهم وضلالهم، وما أباحه الله على يد وليه من دمارهم ووبالهم، عند انجازي ذكر زوايد أذكرها من أخبار صفين، وعلى الله أتوكل وبه اعتضد وأستعين.
في هذه الحرب قتل أبو اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنه، وقد تظاهرت الروايات ان النبي صلى الله عليه وآله قال: عمار بن ياسر جلدة بين عيني تقتله الفئة الباغية.