النبي صلى الله عليه وآله قد حف به أصحابه فقال لمن معه: دونكم وهذا الذي تطلبون فحملوا حملة رجل واحد ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورميا بالنبال، ورضخا بالحجارة وجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقاتلون عنه حتى قتل منهم سبعون رجلا، وثبت أمير المؤمنين، وأبو دجانة، وسهل بن حنيف للقوم يدفعون عن النبي صلى الله عليه وآله ففتح عينيه وكان قد أغمي عليه، فنظر إلى علي عليه السلام فقال: يا علي ما فعل الناس؟ قال: نقضوا العهد وولوا الدبر، فقال: فاكفني هؤلاء الذين قصدوا نحوي، فحمل عليهم فكشفهم ثم عاد إليه وقد قصدوه من جهة أخرى، فكر عليهم فكشفهم وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه، وسيوفهما بأيديهما يذبان عنه، وثاب من المنهزمين أربعة عشر رجلا، منهم طلحة بن عبيد الله، وعاصم بن ثابت، وصعد الباقون الجبل وصاح صائح بالمدينة: قتل رسول الله (ص) فانخلعت القلوب لذلك، وتحير المنهزمون فأخذوا يمينا وشمالا، وجعلت هند بنت عتبة لوحشي جعلا على أن يقتل رسول الله أو عليا أو حمزة، فقال: اما محمد فلا حيلة فيه لان أصحابه يطيفون به، واما علي فإنه إذا قاتل كان أحذر من الذئب، وأما حمزة فإني أطمع فيه لأنه إذا غضب لم يبصر ما بين يديه، وكان حمزة يومئذ قد أعلم بريشة نعامة، فكمن له وحشى في أصل شجرة فرآه حمزة فبدر إليه بالسيف وضربه فأخطأه قال وحشى: فهززت الحربة حتى إذا تمكنت منه رميته فأصبته في أربيته فأنفذته وتركته حتى إذا برد صرت إليه وأخذت حربتي، وشغل المسلمون عنى وعنه بالهزيمة، وجاءت هند فأمرت بشق بطنه وقطع كبده والتمثيل به، فجدعوا أنفه وأذنيه.
أنشدني بعض الأصحاب ولم يسم قائلا:
ولا عار للأشراف ان ظفرت بها كلاب الأعادي من فصيح وأعجم