إلى النزال، قال ارجع فقد كان بيني وبين أبيك خلة وما أحب ان أقتلك، فقال له أمير المؤمنين: لكني أحب أن أقتلك ما دمت آبيا للحق فحمى عمرو ونزل عن فرسه وضرب وجهه حتى نفر وأقبل على علي مصلتا سيفه، وبدره بالسيف فنشب سيفه في ترس علي عليه السلام وضربه أمير المؤمنين فقتله، وانهزم من كان معه وعاد علي عليه السلام إلى مقامه الأول، وقد كانت قلوب أصحابه الذين خرجوا معه تطير جزعا وأنشد الأبيات البائية التي ذكرتها آنفا.
وروى محمد بن عمرو الواقدي مرفوعا إلى الزهري قريبا منه، وطلب عمرو المبارزة مرة بعد أخرى وأنشد: (ولقد بححت من النداء) وفي كل ذلك يقوم علي عليه السلام فيأمره بالجلوس انتظارا لحركة غيره من المسلمين، وكأن على رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو ومن معه، وطال نداء عمرو بطلب البراز وتتابع قيام علي عليه السلام فقال له: ادن منى يا علي، فدنا فنزع عمامته من رأسه وعممه بها وأعطاه سيفه وقال: امض لشأنك، ثم قال: اللهم أعنه فسعى نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري لينظر ما يكون منه ومن عمرو، فلما انتهى إليه قال: يا عمرو انك كنت في الجاهلية تقول: لا يدعوني رجل إلى ثلاث إلا قبلتها أو واحدة منها قال: أجل، قال: فإني أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وان تسلم لرب العالمين، قال يا ابن أخي أخر هذا عنى قال عليه السلام: اما انها خير لك لو أخذتها، قال: فهاهنا أخرى قال: وما هي؟ قال ترجع من حيث جئت، قال لا تحدث عنى نساء قريش بهذا أبدا قال: فهنا أخرى قال: ما هي؟ قال: تنزل فتقاتلني، فضحك عمرو وقال: ان هذه الخصلة ما كنت أظن أن أحدا من العرب يرومني عليها إني أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك لي نديما، قال علي عليه السلام