المواطن، قال: وتراجع المسلمون إلى القتال حين نظروا إلى النساء يقاتلن قتال الموت (2)، فلله در النساء يوم اليرموك! وكانت وقعة اليرموك في رجب سنة ستة عشرة من الهجرة.
قال: ولم تزل الحرب من أول النهار إلى أن دخل الليل وأبو عبيدة يقاتل برايته والامراء يفعلون كفعله وانفصل بعضهم عن بعض.
قال: فلما طلعت الشمس صف أبو عبيدة أصحاب الرايات وعبى عسكره تعبية حسنة.
قال: وبرز جرجيس (4) ودعا بالبراز وقال: لا يبرز إلي إلا أميركم! فسمعه أبو عبيدة فسلم الراية إلى خالد بن الوليد وقال له: أنت لها، فإن عدت أنا من قتال هذا الكافر فالراية لي، وإن هو قتلني الراية لك (5)، فقال خالد: أنا أقاتله دونك، فقال أبو عبيدة: لست أفعل ذلك ولا بد لي من الخروج إليه وأنت شريكي في الاجر، وبرز أبو عبيدة والمسلمون كارهون ذلك فلم يفعل، فلما قرب منه قال له: أنت أمير الجيش؟ قال: نعم، فدونك والحرب، فما بقي لهزيمتكم إلا القليل ثم أقتلك وأقتل ماهان بعدك، ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه وطال بينهما القتال، فولى الكافر بين يدي أبي عبيدة فتبعه وهو واثق بالنصر والسلامة، فعند ذلك عطف عليه كالبرق الخاطف، والتقيا بضربتين فكان أبو عبيدة أسبق بالضربة فوقعت على عاتقه