أمم لا تحصى، وتمزقوا (1) في الجبال والأودية وخيول المسلمين تأخذهم يقتلون ويأسرون حتى مضى من الليل جزء كبير، فنادى أبو عبيدة في الناس أن يتراجعوا، فتراجعوا وقد امتلأت أيديهم من الغنائم والأسارى وآنية الذهب والفضة والنمارق والسرادقات وجمعت الغنائم وبات المسلمون فرحين بنصر الله عز وجل.
فلما أصبحوا فلم يجدوا من الروم أحدا، فأراد أبو عبيدة أن يحصي عدد القتلى من الروم، فلم يقدر [أن] يحصي ذلك إلا بالقصب، فأمر بقطع القصب، وجعل على كل ألف قصبة، وعد القصب فكان عدد القتلاء مائة ألف وخمسة آلاف (2)، وأسروا أربعين ألفا، وقتل من المسلمين المجاهدين رحمة الله عليهم أجمعين أربعة آلاف (3) ونيف، ثم أمر بها فجمعت، وقدموا بين يديه فصلى عليهم ودفنوا - رحمهم الله -.
وانبث المسلمون في الجبال والأودية يطلبون الروم، فإذا هم براع قد استقبلهم، فقالوا له: هل مر بك أحد من الروم؟ قال: نعم مر بي بطريق ومعه زهاء أربعين ألف فارس - وكان ذلك ماهان، فأتبعه خالد بن الوليد، فأدركهم على حمص، فلما أشرف عليهم كبر وكبر المسلمون معه وحمل عليهم ووضع فيهم السيف، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وكان ماهان قد ترجل عن جواده وقال إنه سيسلم، فأقبل إليه رجل من المسلمين بالسيف، فمانع عن نفسه فقتله الرجل - فكان القاتل لماهان النعمان بن جلهمة (5) الأزدي، وقيل عاصم بن جوال اليربوعي، وقد اختلفوا فيه فالله أعلم.
وبلغ الخبر إلى أبي عبيدة أن خالد بن الوليد نزل حمص، فسار بمن معه حتى التقى بخالد فأخبره بما تم له وقتل ماهان، وبشر المسلمون بعضهم بعضا بالسلامة.
وكتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب فأخبره بذلك (6)، وأنه قد قسم الغنائم وأخرج