قال: فقال لهم: أيها المسلمون! لقد علمت العرب قاطبة عنائي في الحرب، إذا أنا شهدتها والله يعلم ما بي من العلة ولا أريد أن يؤمنكم لقتال عدوكم فقد مضت أربعة أيام وأنا أرجو أن يكون هذا اليوم يوم الفتح إن شاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال: ثم رجع سعد ودخل القصر، ثم صعد على السطح فقعد، ثم جعل ينظر إلى حرب المسلمين، ودنا القوم بعضهم من بعض ودنت الفرس براياتها وأعلامها في تعبية يا لها من تعبية.
قال: فكان أول من تقدم إلى الحرب من المسلمين جرير بن عبد الله الجبلي، ثم حمل فقاتل فأحسن القتال، وحمل على أثره علي بن جحش العجلي، ثم حمل في أثره إبراهيم بن الحارثة الشيباني، ثم تقدم عمرو بن معد يكرب الزبيدي.
قال: فجعل القوم يقتلون قتالا شديدا حتى قتل من الفريقين مقتلة عظيمة وأثخنوا بالجراحات، وإذا بعسكر لجب قد أقبل من ناحية الشام (1)، فلما نظر المسلمون إليه فزعوا وظنوا أنه كمين للفرس وإذا هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قد جاء من الشام بكتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجه به أبو عبيدة بن الجراح في عشرة آلاف. فلما أشرف هاشم بن عتبة على عسكر عمه سعد بن أبي وقاص عبى من كان معه عشرة كراديس، في كل كردوس ألف فارس، وأقبل هاشم في الكردوس الأول وجعلت الكراديس تأتي كردوسا بعد كردوس ويختلطون بالمسلمين، فلما نظرت الفرس إلى ذلك فزعوا وامتلأت قلوبهم خوفا وفزعا ورعبا، وأقبل القعقاع بن عمرو بن الضبي في آخر الكراديس، فحمل على الفرس قريبا من ثلاثين حملة ليس منها حملة إلا وهو يقتل فيها الرجل والرجلين والثلاثة، فلما نظر إلى ذلك شهريار أخو رستم خرج إلى القعقاع بن عمرو فحمل عليه، وحمل عليه القعقاع فطعنه طعنة في خاصرته جدله قتيلا.
قال: وصاح رجل من المسلمين: أيها الناس! إنه من يسره أن يشهد يوما مثل