الأمة أن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى فإنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله ورضوانه على أبي بكر القائم بالحق القائل بالصدق والآمر بالصدق والآخذ بالقسط والمعروف الرؤوف الرحيم الورع الحكيم، فرغب في العصمة برحمته والعمل بطاعته والخلود في جنته إنه على كل شئ قدير، وإذا (1) ورد عليكم كتابي هذا وقرأتموه فالأمير عليكم أبو عبيدة بن الجراح وهو أمير جماعتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال: ثم كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه كتابا صغيرا وجعله في وسطه وهو (2): بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى أبي عبيدة بن الجراح، سلام عليك! أما بعد فإنك بحمد الله في كنف من المسلمين وعدد يكفي بعضهم حصار أهل دمشق، فإذا ورد عليك كتاب هذا فاقرأه على من قبلك من المسلمين وخبرهم بأنك الوالي عليهم، وابعث سراياك في نواحي الشام ولا تقر عسكرك من جندك فيطمع فيك عدوك ولكن انظر برأيك فيمن استغنيت عنه من أصحابك فسرحه إلى ما قبلي، ومن احتجت إليه منهم في حصارك فاحبسه عندك، وليكن فيمن تحبسه هناك خالد بن الوليد فإنه لا غناء بك عنه، والسلام.
قال: فلما ورد كتاب عمر رضي الله عنه على أبي عبيدة بعزل خالد بن الوليد وولايته على المسلمين استحيى أن يخبر خالدا، ثم جعل يصلي خلفه ولا يبدي له شيئا حتى سمع خالد بعزله، وذلك أنه سمع الناس يقولون لأبي عبيدة: أيها الأمير، وعلم وأيقن أنه معزول فقال: رحم الله أبا بكر! أما انه لو كان حيا لما عزلني أبدا، وأنت يا أبا عبيدة رحمك الله كيف لم تعلمني بعزلي وولايتك علي وأنت تصلى خلفي ولك السلطان علي، فقال أبو عبيدة: ما كنت أحب أن أعلمك بذلك لولا أنك علمته من غيري، وبعد يا أبا سليمان! فما يبلغ من سلطان الدنيا وأمارتها، إنما نحن إخوان في ذات الله عز وجل، فأينا ولي أخاه لم يضره ذلك في دينه ولا في دنياه