في نيف على أربعين ألفا أو يزيدون فإن أهل البلاد من نصارى العرب قد وعدوهم وقد ضمنوا لهم المعونة عليكم. قال: فأقبل خالد على أبي عبيدة فقال: ما الرأي عندك في هذا الخبر؟ قال أبو عبيدة: الرأي عندي في ذلك أن تبعث إلى أمرائك الذين فرقتهم في البلاد فتشخصهم إليك ثم تسير بهم حتى تلقى العدو فعسى الله تبارك وتعالى أن يفض جمعهم ويفل جدهم ويهزم عسكرهم، فقال خالد: هذا هو الرأي ولكن أحببت أن أستشيرك في ذلك، ثم كتب خالد إلى جميع أمرائه الذين وجه بهم إلى البلاد بنسخة واحدة: أما بعد فإنه قد نزل بأجنادين جمع الروم غير ذي قوة ولا عدد وقد بلغني أنهم في أربعين ألفا (1) وليسوا هم عندنا بشئ إن شاء الله، والله فأصمهم وقاطع ظهورهم وجاعل دائرة السوء عليهم، وقد شخصت إليهم يوم كتبت كتابي هذا إليكم فإذا ورد الكتاب عليكم فانهضوا - يرحمكم الله - إلى عدوكم فأحسن (2) نجدتكم وأحسن ثباتكم وأفضل بصائركم ضاعف الله أجوركم وحط عنكم أوزاركم وأظهركم على أعدائكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال:
ثم وجه خالد بهذه الكتب إلى أمراء الأجناد مع أنباط الشام الذين كانوا عند المسلمين. قال: وكان هؤلاء الأنباط قوم نصارى غير أنهم كانوا إلى المسلمين لبرهم أميل بهم وصلتهم إياهم فكانوا فيوجا (3) للمسلمين وجواسيس وكانت الروم لا يتهمونهم في شئ من ذلك.
قال: فمضت الفيوج بالكتب إلى الامراء، ونادى خالد في المسلمين ورحل من الغوطة في خمسة عشر ألفا يريد إلى أجنادين، فقال له أبو عبيدة: أمثلك يقول هذا؟ والله لألقينهم بما معي! فلو أنهم كثروا فالنصر من عند الله العزيز الحكيم.
قال: فالتفت أبو عبيدة فإذا أهل دمشق قد خرجوا في آثار المسلمين فقال أبو عبيدة:
أيها الأمير! هذا ما كنا فيه، قال خالد: فلا عليك أبا عبيدة! فكل جهاد. قال: ثم صاح خالد بأصحابه: ارجعوا إلى أعداء الله. قال: فحمل خالد بن الوليد وأبو عبيدة وحمل المسلمون معهما على أهل دمشق (4) فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أدخلوهم مدينة دمشق، وقد قتل منهم بشر كثير. قال: ثم سار خالد في