واخفض لهم جناحك يحبوك في المشهد والمغيب.
قال: ثم التفت أبو بكر رضي الله عنه إلى الناس، وهم عن يمينه وشماله فقال:
أرضيتم بعمر بن الخطاب إماما من بعدي؟ فقال من حضر: سمعنا وأطعنا.
فقال: ثم خرج الناس من عنده ودعا أبو بكر بابنته عائشة رضي الله عنها فقال لها: يا بنية! إن على أبيك دينا (1) لا يجده فهل أنت مؤديته من بعدي؟ فقالت: نعم يا أبتي ولم لا أؤديه! فقال: إنه قد دنا الامر وأرجف الاجل، فإذا أنا مت فاغسلوني وكفنوني وحنطوني وصلوا على ثم ائتوا بي إلى قبر حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم فاستأذنوا وقولوا: السلام عليك يا رسول الله! هذا أبو بكر بالباب، فإن أذن لكم في دفني إلى جانبه فادفنوني، وإن لم يؤذن لكم في ذلك فأتوا بي إلى مقابر المسلمين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: فكان هذا الكلام من أبي بكر رضي الله عنه في يوم الاحد فلما كان يوم الاثنين توفي أبو بكر رضي الله عنه في مثل تلك الساعة التي توفى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فغسل أبو بكر وحنط وكفن وصلى عليه، ثم حمل على أعواد المنايا وأتي به إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له فيه إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل أبو بكر التراب لست ليال بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة (2)، واستخلف عمر بن الخطاب رأس سنتين وثلاثة أشهر وعشرين يوما من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.