صادقة وألحقوهم بحيطان دمشق وقد قتل منهم من قتل، وأقبل المسلمون حتى نزلوا على دمشق وعزلوا على مناجزة أهلها.
قال: فطال عليهم الحصار سنة وقريبا من شهر (1)، فلما أضر بهم الحصار كتبوا إلى هرقل ملك الروم وهو مقيم بأنطاكية وبعثوا إليه رسولا فقالوا: أيها الملك!
إن العرب قد حصرونا وضيقوا علينا وليست لنا بهم طاقة وقد قاتلناهم غير مرة وعجزنا عنهم، فإن كانت لك فينا وفي السلطان حاجة فامددنا بالرجال وأعنا (2) بهم وعجل بنا في ذلك فإنا في ضر وجهد جهيد وإلا فقد أعذرنا إليك، والقوم قد أعطونا الأمان وبذلوه لنا غير مرة ورضوا منا باليسير من الجزية. قال: فأرسل إليهم هرقل أن تمسكوا بمدينتكم وحاربوا عدوكم ولا تسلموا حصنكم، فإنكم إن فعلتم ذلك وعجزتم وونيتم دخلوا عليكم في مدينتكم ولم تجدوا عندهم عهدا ولا وفاء ولا صدقا وأجبروكم (3) على دينكم وأفتنوكم واقتسموكم بينهم أقساما فصرتم أنتم ونساؤكم وأولادكم لهم عبيدا وإماء، وأنا موجه إليكم بجيش عظيم في أثر رسولي هذا فلا تعجلوا.
قال: فصبر أهل دمشق على الحصار وجعلوا ينتظرون المدد من عند هرقل، فلما أبطأ ذلك عليهم وضاق بهم الامر واشتد عليهم الحصار ورأوا أن المسلمين لا يزدادون إلا قوة وصرامة وقد كانوا علموا أن خالد بن الوليد معزول فأرسلوا إلى أبي عبيدة بن الجراح يسألونه الصلح، فأجابهم أبو عبيدة إلى ذلك ووقع صلحهم على مائة ألف دينار والجزية بعد ذلك على كل محتلم أربعة دنانير في كل سنة وعلى نسائهم ديناران فرضي القوم، وكتب الكتاب بينهم بالصلح، فأخذ القنقلان صاحب دمشق الكتاب ووفى للمسلمين بما صالحهم عليه، فأخذ أبو عبيدة هذا المال فأخرج منه الخمس ووجه به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأعلمه في كتابه بما كان من أهل دمشق وصلحه إياهم، وقسم باقي المال في المسلمين وهم سبعة