إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٧ - الصفحة ٢٩
الإهلال، فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته (1).

(١) أخرجه البخاري في كتاب الطهارة، باب (٣٠) غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على الخفين، حديث رقم (١٦٦)، وكتاب الحج باب (٢) قول الله تعالى: (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) (الحج: ٢٧)، حديث رقم (١٥١٤)، باب (٢٨) من أهل حين استوت راحلته قائمة، حديث رقم (١٥٥٢)، باب (٩) من لم يستلم إلا الركنين اليمانين، حديث رقم (١٦٠٨)، (١٦٠٩)، كتاب الجهاد والسير، باب (53) الركاب والغرز للدابة، حديث رقم (2865)، كتاب اللباس، باب (37) النعال السبتية وغيرها، حديث رقم (5851).
ومسلم في كتاب الحج، باب (5) الإهلال من حيث تنبعث الراحلة، حديث رقم (1187).
وأبو داود في (السنن)، كتاب المناسك، باب (21) في وقت الإحرام، حديث رقم (1772)، كتاب الترجل، باب (19) ما جاء في خضاب الصفرة، حديث رقم (4210).
والنسائي في (السنن)، كتاب الطهارة، باب (95) الوضوء في النعل، حديث رقم (117)، كتاب الزينة، باب (65)، تصفير اللحية، حديث رقم (5258)، كتاب الحج، باب (56)، العمل في الإهلال، حديث رقم (2757)، (2758)، (2759).
والترمذي في (الشمائل)، باب (11) ما جاء في نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (79).
وابن ماجة في (السنن)، كتاب اللباس، باب (34) الخضاب بالصفرة، حديث رقم (3626).
ومالك في (الموطأ، كتاب الحج، باب العمل في الإهلال، حديث رقم (738).
وابن سعد في (الطبقات): 1 / 482 في ذكر نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم " النعال السبتية " بكسر السين المهملة وسكون الموحدة ففوقية، أي التي لا شعر فيها، مشتق من السبت وهو الحلق، قاله الأزهري، أو لأنها سبتت بالدباغ أي لانت.
قال أبو عمرو الشيباني: السبت كل جلد مدبوغ. وقال أبو زيد: جلود البقر مدبوغة أم لا، أو نوع من الدباغ يقلع الشعر، أو جلد البقر المدبوغ بالقرظ. وقيل بالسبت بضم أوله، نبت يدبغ به. قاله صاحب (المنتهى).
وقال الداودي: هي منسوبة إلى موضع يقال له: سوق السبت وقال ابن وهب: كانت سوداء لا شعر فيها، وقيل: هي التي لا شعر عليها أي لون كانت، ومن أي جلد، بأي دباغ دبغت.
وقال عياض في (الإكمال): الأصح عندي أن اشتقاقها وإضافتها إلى السبت الذي هو الجلد المدبوغ أو إلى الدباغة، لأن السين مكسورة، ولو كانت من السبت الذي هو الحلق - كما قال الأزهري وغيره، لكانت النسبة سبتية بالفتح، ولم يروها أحد في هذا الحديث ولا غيره ولا في الشعر فيما علمت إلا بالكسر، وقال: وكان من عادة العرب لبس النعال بشعرها غير مدبوغة، وكانت المدبوغة تعمل بالطائف، ويلبسها أهل الرفاهية.
قوله: " ورأيتك تصبغ " بضم الموحدة، وحكى فتحها وكسرها " بالصفرة " ثوبك أو شعرك، " ورأيتك إذا كنت " مستقرا " بمكة أهل الناس " أي رفعوا أصواتهم بالتلبية للإحرام بحج أو عمرة " إذا رأوا الهلال " أي هلال ذي الحجة " ولم تهلل " بلامين بفك الإدغام " أنت حتى يكون " أي يوجد، وفي رواية كان أي وجد " يوم " بالرفع فاعل يكون التامة (غير مضارع كان الناقصة)، والنصب خبر على أنها ناقصة " التروية " ثامن ذي الحجة، لأن الناس كانوا يروون فيه من الماء، أي يحملونه من مكة إلى عرفات ليستعملوه شربا وغيره، وقيل غير ذلك " فتهل أنت " وتبين من جوابه أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدا إلى منى.
قوله: " فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس " وفي رواية: " يستلم " منها " إلا " الركنين " اليمانيين " بالتخفيف لأنهما على قواعد إبراهيم، ومسهما واستلامهما مختلف.
فالعراقي مسه وهو استلامه بالتقبيل لاختصاصه بالحجر الأسود إن قدر وإلا فبيده أو بعود، ثم رضعه على فيه بلا تقبيل.
واليماني مسه بيده، ثم يضعها على فيه بلا تقبيل، ولا يمسه بفيه بخلاف الشاميين، فليسا على قواعد إبراهيم، فلم يمسها فالعلة ذلك.
قال القابسي: لو أدخل الحجر في البيت حتى عاد الشاميان على قواعد إبراهيم استلما.
قال ابن القصار: ولد لما بنى الزبير الكعبة على قواعده استلم الأركان كلها، والذي قاله الجمهور سلفا وخلقا أن الشاميين لا يستلمان.
قال عياض: واتفق عليه أئمة الأمصار والفقهاء، وإنما كان الخلاف في ذلك في العصر الأول من بعض الصحابة وبعض التابعين، ثم ذهب.
وقال بعض العلماء: اختصاص الركنين بين بالسنة، ومستند التعميم بالقياس. وأجاب الشافعي عن قول من قال: ليس شئ من البيت مهجور بأنا لم ندع استلامهما هجرا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به؟ ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا، ولو كان ترك استلامهما هجرا لهما لكان استلام ما بين الأركان هجرا لها، ولا قائل به.
قوله: " وأما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر "، أشار إلى تفسيرها بذلك، وهكذا قال جماهير أهل اللغة والغريب والحديث: أنها التي لا شعر فيها.
قوله: " ويتوضأ فيها " أي النعال، أي يتوضأ ويلبسها ورجلاه رطبتان، قاله النووي، " فأنا أحب أن ألبسهما " اقتداء به " وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها "، قال المازري: قيل: المراد صبغ الشعر، وقيل: صبغ الثوب، قال: والأشبه الثاني لأنه أخبر أنه صلى الله عليه وسلم صبغ، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صبغ شعره.
قال عياض: وهذا أظهر الوجهين، وقد جاءت آثار عن ابن عمر بين فيها تصفير ابن عمر لحيته، واحتج بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصفر لحيته بالورس والزعفران. رواه أبو داود، وذكر أيضا في حديث آخر احتجاجه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته.
وأجيب عن الأول باحتمال أنه كان مما يتطيب به، لا أنه كان يصبغ بها شعره.
وقال ابن عبد البر: لم يكن صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة إلا ثيابه، وأما الخضاب فلم يكن يخضب، وتعقبه في (المفهم) بأن في سنن أبي داود عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو ذو وفرة ردع من حناء، وعليه بردان أخضران. قال الولي العراقي: وكان ابن عبد البر إنما أراد نفى الخضاب في لحيته صلى الله عليه وسلم فقط.
قوله: وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته "، أي تستوى قائمة إلى طريقه، قال المازري: ما تقدم جواباته نص في عين ما سئل عنه، ولما لم يكن عنده نص في الرابع أجاب بضرب من القياس، ووجه أنه لما رآه في حجة من غير مكة إنما يهل عند الشروع في الفعل أخر هو إلى يوم التروية، لأنه الذي يبتدأ فيه بأعمال الحج من الخروج إلى منى وغيره.
وقال القرطبي: أبعد من قال: هذا قياس، بل تمسك بنوع الفعل الذي رآه يفعله، وتعقب بأن ابن عمر ما رآه أحرم من مكة يوم التروية كما رآه استلم الركنين اليمانيين فقط، بل رآه أحرم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته، فقاس الإحرام من مكة على الإحرام من الميقات، لأنها ميقات الكائن بمكة فأحرم يوم التروية، لأنه يوم التوجه إلى منى، والشروع في العمل قياسا على إحرامه صلى الله عليه وسلم من الميقات حين توجه إلى مكة، فالظاهر قول المازري.
وقد قال ابن عبد البر: جاء ابن عمر بحجة قاطعة نزع بها، فأخذ بالعمورم في إهلاله صلى الله عليه وسلم، ولم يخص مكة من غيرها، فكأنه قال: لا يهل الحاج إلا في وقت يتصل له عمله وقصده إلى البيت ومواضع المناسك والشعائر، لأنه صلى الله عليه وسلم أهل واتصل له عمله، ووافق ابن عمر على هذا جماعة من السلف، ربه قال الشافعي وأصحابه، وهو رواية مالك. والرواية الأخرى: والأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة.
قال عياض: وحمل شيوخنا رواية استحباب الإهلال يوم التروية على من كان خارجا من مكة، وراوية استحبابه أول الشهر على من كان في مكة، وهو قول أكثر الصحابة والعلماء، ليحصل له من الشعث ما يساوي من أحرم من الميقات.
قال النووي: والخلاف في الاستحباب وكل منهما جائز بالإجماع، وكلام القاضي وغيره يدل ذلك.
قال ابن عبد البر: في الحديث دليل على أن الاختلاف في الأفعال والأقوال والمذاهب، كان موجودا في الصحابة، وهو عند العلماء أصح ما يكون من الاختلاف، وإنما اختلفوا بالتأويل المحتمل فيما سمعوه ورأوه، وفيما انفرد بعضهم بعلمه دون بعض، وما أجمع عليه الصحابة واختلط فيه من بعدهم، فليس اختلافهم بشئ.
وفيه أن الحجة عند الاختلاف السنة، وأنها حجة على من خالفها، وليس من خالفها حجة عليها، ألا ترى أن ابن عمر لهم يستوحش من مفارقة أصحابه، إذ كان عنده في ذلك علم من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل له ابن جريج: الجماعة أعلم به منك، ولعلك وهمت كما يقول اليوم من لا علم به، بل انقاد للحق إذ سمعه، وهكذا يلزم الجميع. (شرح العلاقة الزرقاني على موطأ الإمام مالك) 2 / 329 - 332.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 وأما الخرقة التي كان يتنشف بها 3
2 وأما الحبرة 6
3 وأما المرط 8
4 وأما المصبوغ بالزعفران 9
5 وأما الإزار والكساء 11
6 وأما السراويل 15
7 وأما لبس الصوف ونحوه 18
8 وأما وقت لبسه وما يقول عند اللبس 21
9 وأما الخف 25
10 وأما النعل 27
11 فصل في خاتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 34
12 وأما فص خاتمه (صلى الله عليه وسلم) 48
13 وأما سبب اتخاذ الخاتم 51
14 وأما إصبع الخاتم التي يتختم فيها 54
15 فصل في ذكر جلسة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واحتبائه 61
16 فصل في ذكر خضاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 65
17 فصل في ذكر ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفعله في شعر 75
18 فصل في ذكر مرآة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومكحلته 86
19 فصل في ذكر محبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للطيب وتطيبه 92
20 ذكر اطلاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالنورة إن صح 105
21 فصل في ذكر سرير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 108
22 فصل في ذكر القدح الذي كان يبول فيه 111
23 فصل في ذكر آلات بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 115
24 فأما الحصير 115
25 وأما الفرش 116
26 وأما اللحاف 119
27 وأما الوسادة 119
28 وأما القطيفة 123
29 وأما القبة 125
30 وأما الكرسي 126
31 وأما ما كان يصلى عليه 128
32 فصل في ذكر سلاح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 134
33 فأما سيوفه (صلى الله عليه وسلم) 134
34 وأما دروعه (صلى الله عليه وسلم) 142
35 وأما قسيه (صلى الله عليه وسلم) 149
36 وأما المغفر 150
37 وأما الرماح 152
38 وأما الترس 153
39 وأما العنزة 153
40 وأما المنطقة 158
41 وأما اللواءات والرايات 159
42 وأما القضيب والعصا 174
43 فصل في ذكر من كان على سلاح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 177
44 فصل في ذكر من كان يقوم على رأس النبي (صلى الله عليه وسلم) 178
45 فصل في ذكر خيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 191
46 فصل في تضمير خيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 201
47 فصل في ذكر الخيل التي قادها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أسفاره 208
48 فصل في ذكر من استعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الخيل 210
49 فصل في ذكر سرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن كان يسرج له فرسه 212
50 فصل في ذكر ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إذا ركب 214
51 فصل في ذكر بغلة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 216
52 فصل في ذكر حمار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 224
53 فصل في ذكر ناقة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 228
54 فصل في ذكر من كان يأخذ بزمام راحلة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 238
55 فصل في ذكر إبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 242
56 فصل في ذكر البدن التي ساقها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الكعبة البيت الحرام 248
57 فصل في ذكر صاحب بدن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 251
58 فصل في ذكر غنم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 255
59 فصل في ذكر حمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 257
60 فصل في ذكر ديك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 261
61 فصل في ذكر طعام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 262
62 فأما المائدة 262
63 وأما القصعة والجفنة 263
64 وأما أنه (صلى الله عليه وسلم) لا يشبع من طعام 263
65 وأما إئتدامه بالخل 269
66 وأما أكله القثاء 272
67 وأما أكله الدباء 274
68 وأما الضب 277
69 وأما أكله الحيس 279
70 وأما أكله الثفل 281
71 وأما أكله اللحم 284
72 وأما أكله القلقاس 291
73 وأما أكله القديد 291
74 وأما أكله المن 292
75 وأما أكله الجبنة 293
76 وأما أكله الشواء 294
77 وأما أكله الدجاج 295
78 وأما أكله لحم الحباري 297
79 وأما أكله الخبيص 298
80 وأما أكله الهريس 299
81 وأما أكله الزنجبيل 300
82 وأما تقززه أكل الضب وغيره 301
83 وأما اجتنابه ما تؤذى رائحته 309
84 وأما أكله الجمار 311
85 وأما حبه الحلواء والعسل 311
86 وأما أكله التمر 312
87 وأما أكله العنب 316
88 وأما أكله الرطب والبطيخ 316
89 وأما أكله الزيت 319
90 وأما أكله السمك 319
91 وأما أكله البيض 321
92 فصل في هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الأكل 322
93 وأما قبوله الهدية وامتناعه من أكل الصدقة 329
94 وأما ما يقوله عند الباكورة 331
95 وأما أكله بثلاث أصابع ولعقها 334
96 وأما أكله مما يليه 334
97 وأما أنه لا يأكل متكئا 336
98 وأما أنه لم يذم طعام 336
99 وأما التسمية إذا أكل وحمد الله بعد فراغه من الأكل 338
100 وأما ما يقوله إذا أكل عند أحد 342
101 وأما أكله باليمين 344
102 وأما أنه كان لا يأكل من الهدية حتى يأمر صاحبها أن يأكل منها 344
103 فصل في شرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومشروباته 346
104 وأما طلب الماء العذب 346
105 وأما الآبار التي كان يستعذب له منها الماء 349
106 وأما تبريد الماء 352
107 وأما قدحه الذي يشرب فيه 355
108 وأما شربه اللبن 358
109 وأما شربه النبيذ 360
110 وأما أنه لا يتنفس في الإناء 365
111 وأما إيثاره من على يمينه 368
112 وأما شربه آخر أصحابه 375
113 وأما شربه قائما وقاعدا 376
114 فصل في طب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) 380
115 وأما طبه 382
116 وأما حمية المريض 384
117 إطعام المريض ما يشتهيه 385
118 العين حق ودواء المصاب 387
119 التداوي بالعجوة 396
120 التداوي بالعسل 397