لا يجرئ غيرها مما هو أفضل منها، ولأن فتح هذا الباب يؤدي إلى عدم تعين شئ بالنذر، حتى صوم يوم معين، والحج في سنة معينة، وغير ذلك. فإن الصوم والحج في أنفسهما طاعة، وتخصيصهما بيوم أو سنة مخصوصين من قبيل المباح، وذلك باطل اتفاقا، نعم الظاهر عدم انعقاد النذر على ترك الأفضل من الأفراد، لما عرفت من قوله عليه السلام (1) " كلما كان لك فيه منفعة دينا أو دنيا فلا حنث فيه " وهو غير انعقاد النذر على الفرد المرجوح، فتأمل جيدا.
ثم إنه لا خلاف في اعتبار القدرة على المنذور، فلا ينعقد على غير المقدور عقلا كجمع النقيضين، أو عادة كالصعود إلى السماء، أما لو نذر حج ألف عام أو صوم ألف سنة ففي القواعد " احتمل البطلان، لتعذره عادة، والصحة لامكان بقائه بالنظر إلى قدرة الله تعالى ووجوب المنذور مدة عمره " وفي كشف اللثام " أحد الأخيرين هو الأقوى " وفيه أن مبني الأخير على أن ذكر الألف للمبالغة، وهو خلاف ظاهر العبارة، كما أن مبني سابقه على الامكان العقلي، وحينئذ فيجب عليه ما قدر عليه، كما أنه إذا نذر صوم الدهر وجب عليه ما قدر عليه.
وفيه أن المنصرف من نذر صوم الدهر دهر الناذر بخلاف الألف سنة، وحينئذ فالأول وهو البطلان أقوى، إلا إذا قلنا بأن المنذور عبادات متعددة فيجب الممكن منها دون غيره، ولذا صرح في كشف اللثام بأن مبني البطلان على كون المنذور عبادة واحدة، وهو ممنوع، وفيه أن الظاهر ذلك، كما سمعت مثله في اليمين.
ولو نذر مقدورا ثم تجدد العجز ففي الدروس انفسخ، فإن عادت القدرة عاد، قيل: ويكفر لو عجز بعد وقته والتمكن من فعله، وهو حق إن كان مضيقا أو غلب على ظنه العجز بعده وإلا فلا كفارة. وكيف كان فالكلام في تفصيل متعلق النذر من العبادات.