إنما هو مع عدم القرينة، وليس عود الاستثناء خاصة على القول به لكونه حقيقة في ذلك ليمتنع حمله على المجاز، بل لا بد من أمر آخر يدل على إرادة المجاز، لجواز الغفلة عن تعذر الحقيقة وعدم إرادة المجاز، بل لأن مخالفة الأصل مع العود إلى الأخيرة أقل، فإذا عارضه أمر آخر - مخالفته للأصل أكثر وهو إلغاء الاستثناء وجعله هذرا - تعين ارتكاب العود إلى الجميع، خصوصا بعد ما ذكرناه من الانسياق عرفا في مثل هذا التركيب، ولعله العمدة، وحينئذ فالمراد من الجميع هنا مجموع ما حصل من قوله: " درهم ودرهم " لا كل واحد واحد منهما، لعدم قابليته، والمراد بالجميع في قول القائل برجوعه إليه إذا تعقب الجمل المتعددة كل واحدة بخصوصها، لا نحو الجميع المزبور الذي مستنده الانسياق العرفي في مثل هذا التركيب المحمول على الوجه الصحيح بعد تعذر المستثنى منه في كل واحدة واحدة.
أما لو قال: " له ثلاثة دراهم ودرهمان إلا درهمين " صح وكان الاستثناء من الثلاثة القابلة، فيلزمه حينئذ ثلاثة دراهم، بخلاف ما لو قال: " له درهمان ودرهمان إلا درهمين " فإنه يرجع إلى المجموع الذي هو الأربعة، لما سمعته من الانسياق، وقد وافق عليه هنا الفاضل وإن منعه في مثل " درهم ودرهم " للفرق بين المفرد والتثنية بالنسبة إلى الاستثناء المزبور من جهة النصوصية وعدمها، إلا أنه كما ترى لا فرق بينهما من حيث إرادة المجموع بعد تعذر كل منهما.
ولو قال: " له ثلاثة إلا درهما ودرهما ودرهما " فالظاهر لزوم الاثنين وبطلان خصوص الأخير الذي حصل به الاستغراق، وربما احتمل بطلان الجميع، لكن ضعفه لا يخفى، والله العالم.