عاد من الحج وقارب صرخد نزل الملك الأفضل فلقيه وأكرمه ودعاه إلى نفسه فأجابه وحلف له وعرفه الأفضل جلية الحال وكان أسامة من بطانة العادل وإنما حلف لينكشف له الأمر فلما فارق الأفضل أرسل إلى العادل وهو بمصر يعرفه الخبر جميعه فأرسل إلى ولده الذي بدمشق يأمره بحصر الأفضل بصرخد وكتب إلى إياس جركس وميمون القصرى صاحب بلبيس وغيرهما من الناصرية يأمرهم بالاجتماع مع ولده على حصر الأفضل.
وسمع الأفضل الخبر فسار إلى أخيه الظاهر بحلب مستهل جمادى الأولى من السنة ووصل إلى حلب عاشر الشهر، وكان الظاهر قد أرسل أميرا كبيرا من أمرائه إلى عمه العادل فمنعه العادل من الوصول إليه وأمره بأن يكتب رسالته فلم يفعل وعاد لوقته فتحرك الظاهر لذلك وجمع عسكره وقصد منبج فملكها السادس والعشرين من رجب، وسار إلى قلعة نجم وحصرها فتسلمها سلخ رجب.
وأما الملك المعظم عيسى بن العادل المقيم بدمشق فإنه سار إلى بصرى وأرسل إلى جهاركس ومن معه وهم على بانياس يحصرونها يدعوهم إليه فلم يجيبوه إلى ذلك بل غالطوه فلما طال مقامه على بصرى عاد إلى دمشق وأرسل الأمير أسامة إليهم يدعوهم إلى مساعدته فاتفق أنه جرى بينه وبين البكاء الفارس بعض المماليك الكبار الناصرية منافرة أغلظ له البكاء القول وتعدى إلى الفعل باليد وثار العسكر جميعه على أسامة فاستذم بميمون فأمنه وأعاده إلى دمشق واجتمعوا كلهم عند الملك الظافر خضر بن صلاح الدين وأنزلوه من صرخد وأرسلوا إلى الملك الظاهر والأفضل يحثونهما على الوصول إليهم والملك الظاهر يتربص ويتعوق فوصل من منبج إلى حماة في عشرين يوما،