الصوم يصوم من كل سنة نحو أربعة أشهر وله أوراد كثيرة حسنة كل ليلة ويكثر الصدقة وكان له فراسة حسنة فيمن يستحق الصدقة ويعرف الفقير المستحق ويبرهم وبنى عدة جوامع منها الجامع الذي بظاهر الموصل بباب الجسر وبنى الربط والمدارس والخانات في الطرق وله من المعروف شيء كثير رحمه الله فلقد كان من محاسن الدنيا.
وفيها فارق غياث الدين صاحب غزنة وبعض خراسان مذهب الكرامية وصار شافعي المذهب وكان سبب ذلك انه كان عنده إنسان يعرف بالفخر مبارك شاه يقول الشعر بالفارسية متفننا في كثير من العلوم فأوصل إلى غياث الدين الشيخ وجيه الدين أبا الفتح محمد بن محمود المروروذي الفقيه الشافعي فوضح له مذهب الشافعي وبين له فساد مذهب الكرامية فصار شافعيا وبنى المدارس للشافعية وبنى بغزنة مسجدا لهم أيضا وأكثر مراعاتهم فسعى الكرامية في أذى وجيه الدين فلم يقدرهم الله تعالى على ذلك.
وقيل إن غياث الدين وأخاه شهاب الدين لما ملكا في خراسان قيل لهما إن الناس في جميع البلاد يزرون على الكرامية ويحتقرونهم والرأي أن تفرقا مذاهبهم فصارا شافعيين وقيل إن شهاب الدين كان حنفيا والله أعلم.
وفي هذه السنة توفي أبو القاسم يحيى بن علي بن فضلان الفقيه الشافعي وكان إماما فاضلا ودرس ببغداد وكان من أعيان أصحاب محمد بن يحيى نجي النيسابوري.