فيها، فها أنا أقول لك ما فيه واعتذر عنك ولك أن توفيني بالعهود والمواثيق والأيمان أن تتوجه بجملة من عندك في المراكب والشواني وأجوز إليك بحملتي وأبارزك في أعز الأماكن عندك فإن كان لك فغنيمة عظيمة جاءت إليك وهدية مثلث بين يديك وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك واستحققت إمارة الملتين والتقدم على الفئتين والله يسهل الإرادة ويوفق السعادة بمنه لا رب غيره ولا خير إلا خيره.
فلما وصل كتابه وقرأه يعقوب كتب في أعلاه هذه الآية: (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون) فأعاده إليه وجمع العساكر العظيمة من المسلمين وعبر المجاز إلى الأندلس.
وقيل: كان سبب عبوره إلى الأندلس أن يعقوب لما قاتل الفرنج سنة ست وثمانين [خمسمائة] وصالحهم، بقي طائفة من الفرنج لم ترض الصلح كما ذكرناه فلما كان الآن جمعت تلك الطائفة جمعا من الفرنج وخرجوا إلى بلاد الإسلام فقتلوا وسبوا وغنموا وأسروا وعاثوا فيها عيثا شديدا فانتهى ذلك إلى يعقوب فجمع العساكر وعبر المجاز إلى الأندلس في جيش يضيق عنه الفضاء فسمعت الفرنج بذلك فجمعت قاصيهم ودانيهم وأقبلوا إليه مجدين على قتاله واثقين بالظفر لكثرتهم فالتقوا تاسع شعبان شمالي قرطبة عند قلعة رياح بمكان يعرف بمرج الحديد فاقتتلوا قتالا شديدا فكانت الدائرة أولا على المسلمين ثم عادت على الفرنج فانهزموا