منه أن يتأخر هذه الدفعة إلى أن ينصلح حال البلاد ثم يعود إليها فلا مانع له عنها وبذل له على ذلك مالا كثيرا.
فلما سمع السلطان هذه الرسالة قوي عنده ما قرره الزكوي, أبى أن يجيب إلى التأخر وصم العزم وسار إليها مجدا فلما بلغ الخليفة الخبر عبر هو وأهله وحرمه ومن عنده من أولاد الخلفاء إلى الجانب الغربي في ذي القعدة مظهرا للغضب والانتزاح عن بغداد إن قصدها السلطان فلما خرج من داره بكى الناس جميعهم بكاء عظيما لم يشاهد مثله فلما علم السلطان ذلك اشتد عليه وبلغ منه كل مبلغ فأرسل الخليفة ويسأله العود إلى داره فأعاد الجواب أنه لا بد من عودك هذه الدفعة فإن الناس هلكى بشدة الغلاء وخراب البلاد وأنه لا يرى في دينه أمن يزداد ما بهم وهو يشاهدهم فإن عاد السلطان وإلا رحل هو عن العراق لئلا يشاهد ما يلقى الناس بمجيء العساكر.
فغضب السلطان لقوله ورحل نحو بغداد وأقام الخليفة بالجانب الغربي فلما حضر عيد الأضحى خطب الناس وصلى بهم فبكى الناس لخطبته وأرسل عفيفا الخادم وهو من خواصه في عسكر إلى واسط ليمنع عنها نواب السلطان فأرسل السلطان إليه عماد الدين زنكي بن آقسنقر وكان له حينئذ البصرة.
وقد فارق البرسقي واتصل بالسلطان فأقطعه البصرة فلما وصل عفيف إلى واسط سار إليه عماد الدين فنزل بالجانب الشرقي وكان عفيف بالجانب الغربي فأرسل إليه عماد الدين يحذره القتال ويأمره بالانتزاح عنها فأبى ولم يفعل فعبر إليه عماد الدين واقتتلوا فانهزم