كان سبب ذلك، فجد في تعمير الشواني والمراكب وحشد فأكثر منع من السفر إلى أفريقية وغيرها من بلاد الغرب فاجتمع له من ذلك ما لم يعهد مثله قبل كان ثلاثمائة قطعة فلما انقطعت الطريق عن إفريقية توقع الأمير الحسن بن علي خروج العدو إلى المهدية فأمر باتخاذ العدد وتجديد الأسوار وجمع المقاتلة فأتاه من أهل البلاد ومن العرب جمع كثير.
فلما كان في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة [وخمسمائة] سار الأسطول الفرنجي في ثلاثمائة قطعة فيها ألف فارس وفرس واحد، إلا أنهم لما ساروا من موسى علي فرقتهم الريح وغرق منهم مراكب كثيرة ونازل من سلم منهم جزيرة قوصرة ففتحها وقتل من بها وسبى وغنموا وساروا عنها فوصلوا إلى إفريقية ونازلوا الحصن المعروف بالديماس أواخر جمادى الأولى فقاتلهم طائفة من العرب كانوا هناك والديماس حصن منيع في وسطه حصن آخر وهو مشرف على البحر.
وسير الحسن من عنده من الجموع إلى الفرنج وأقام هو بالمهدية في جمع آخر يحفظها وأخذ الفرنج حصن الديماس وجنود المسلمين محيطة بهم فلما كان بعد ليال اشتد القتال على الحصن الداخل فلما كان الليل صاح المسلمون صيحة عزيمة ارتجت لها الأرض وكبروا فوقع الرعب في قلوب الفرنج فلم يشكوا أن المسلمين يهجمون عليهم فبادروا إلى شوانيهم وقتلوا بأيديهم كثيرا من خيولهم وغنم المسلمون منها أربعمائة فرس ولم يسلم معهم غير فرس واحد، وغنم المسلمون جميع ما تخلف عن الفرنج وقتلوا كل من عجز عن الطلوع إلى المراكب.
فلما صعد الفرنج إلى مراكبهم أقاموا بها ثمانية أيام لا يقدرون على النزول