السلطانية، وغير ذلك فأمر الناصر من ساعته بالبناء والعمل وسر بذلك وشكره وعاهده على وزارته إذا عاد إليه ورجعا إلى القلعة فقال الناصر لوزيره إن هذا الرسول محب لنا، وقد أشار ببناء بجاية، ويريد الانتقال إلينا فاكتب له جواب كتبه ففعل.
وسار الرسول، وقد ارتاب به تميم حيث تجدد بناء بجاية عقيب مسيره إليهم وحضوره مع الناصر فيها وكان الرسول قد طلب من الناصر أن يرسل معه بعض ثقاته ليشاهد الأخبار ويعود بها فأرسل معه رسولا يثق به فكتب معه إنني لما اجتمعت بتميم لم يسألني عن شيء قبل سؤاله عن بناء بناء بجاية وقد عظم أمرها عليه واتهمني فانظر إلى من يثق به من العرب ترسلهم إلى موضع كذا فإني سائر إليهم مسرعا وقد أخذت عهود زويلة وغيرها على طاعتك وسير الكتاب فلما قرأه الناصر سلمه إلى الوزير فاستحسن الوزير ذلك وشكره وأثنى عليه وقال لقد نصح وبالغ في الخدمة فلا تؤخر عنه إنفاذ العرب ليحضر معهم.
ومضى الوزير إلى داره وكتب نسخة الكتاب وأرسل الكتاب الذي بخط الرسول إلى تميم وكتابا منه يذكر له الحال من أوله إلى آخره، فلما وقف تميم على الكتاب عجب من ذلك وبقي يتوقع له سببا يأخذه به إلا أنه جعل عليه من يحرسه في الليل والنهار من حيث لا يشعر فأتى بعض أولئك الحرس إلى تميم وأخبره أن الرسول صنع طعاما وأحضر عنده الشريف الفهري وكان هذا الشريف من رجال تميم وخواصه فأحضره تميم فقال كنت واصلا إليك وحدثه ان ابن البعبع الرسول دعاني فلما حضرت عنه قال أنا في ذمامك أحب أن تعرفني مع من اخرج من المهدية فمنعه من ذلك وهو خائف فأوقفه تميم على الكتاب الذي بخطه وأمره بإحضاره، فأحضره الشريف.