ونهبت الناس وخربت البلاد وانتقل كثير من أهلها إلى بلاد بني حماد لكونها جبالا وعرة يمكن الامتناع بها من العرب فعمرت بلادهم وكثرت أموالهم وفي نفوسهم الضغائن والحقود من باديس ومن بعده من أولادهم يرثه الصغير عن كبير.
وولي تميم بن المعز بعد أبيه فاستبد كل من هو ببلد وقلعة بمكانه وتميم صابر يداري ويتجلد.
واتصل بتميم أن الناصر بن علناس يقع فيه في مجلسه ويذمه وأنه عزم على المسير إليه ليحاصره بالمهدية وأنه قد حالف بعض صنهاجة وزناتة وبني هلال ليعينوه على حصار المهدية فلما صح ذلك عنه أرسل إلى أمراء بني رياح فأحضرهم إليه وقال أنتم تعلمون أن المهدية حصن منيع أكثره في البر غير أربعة أبراج يحميها أربعون رجلا وإنما جمع الناصر هذه العساكر إليكم فقالوا الذي تقوله حق ونحب منك المعونة فأعطاهم المال والسلاح من الرماح والسيوف والدروع والدرق فجمعوا قومهم وتحالفوا واتفقوا على لقاء الناصر.
وأرسل إلى من مع الناصر من بنى هلال يقبحون عندهم مساعدتهم للناصر ويخوفونهم منه إن قوي وأنه يهلكهم بمن معه من زناتة وصنهاجة وأنهم إنما يستمر لهم المقام والاستيلاء على البلاد إذا تم الخلف وضعف السلطان فأجابهم بنو هلال إلى الموافقة وقالوا اجعلوا أول حملة تحملونها علينا فنحن نهزم بالناس ونعود عليهم ويكون لنا ثلث الغنيمة فأجابهم إلى ذلك واستقر الأمر.