كثيرة من أئمة المسلمين، وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا من الفضة وزن كل قنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم أخذوا تنور من فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأخذوا من القناديل الصغار مائة وخمسين قنديلا نقرة ومن الذهب نيفا وعشرين قنديلا وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء.
وورد المستنفرون من الشام في رمضان إلى بغداد صحبة القاضي أبي سعد الهروي فأوردوا في الديوان كلاما أبكى وأوجع القلوب وقاموا بالجامع يوم الجمعة فاستغاثوا وبكوا وأبكوا وذكروا ما دهم المسلمين بذلك الشريف المعظم من قتل الرجال وسبي الحريم والأولاد ونهب الأموال فلشدة ما أصابهم أفطروا فأمر الخليفة أن يسير القاضي أبو محمد الدامغاني وأبو بكر الشاشي وأبو القاسم الزنجاني وأبو الوفا بن عقيل وأبو سعيد الحلواني وأبو الحسين بن سماك فساروا إلى حلوان فبلغهم قتل مجد الملك البلاساني على ما نذكره فعادوا من غير بلوغ أرب ولا قضاء حاجة.
واختلف السلاطين على ما نذكره فتمكن الفرنج من البلاد فقال أبو مظفر الأبيوردي في هذا المعنى أبياتا منها:
(مزجنا دماء بالدموع السواجم * فلم يبق منا عرصة للمراجع)