وتفرقوا فلما رأى المصريون ضعف الأتراك ساروا إليه ومقدمهم الأفضل بن بدر الجمالي وحصروه وبه الأمير سقمان وإيلغازي ابنا أرتق وابن عمهما سونج وابن أخيهما ياقوتي ونصب عليه نيفا وأربعين منجنيقا فهدموا مواضع من سوره وقاتلهم أهل البلد فدام القتال والحصار نيفا وأربعين يوما وملكوه بالأمان في شعبان سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
وأحسن الأفضل إلى سقمان وإيلغازي ومن معهما وأجزل لهم العطاء وسيرهم فساروا إلى دمشق ثم عبروا الفرات فأقام سقمان ببلد الرها وسار إيلغازي إلى العراق واستناب المصريون فيه رجلا يعرف بافتخار الدولة وبقي فيه إلى الآن فقصده الفرنج بعد أن حصروا عكا فلم يقدروا عليها فلما وصلوا إليه حصروه نيفا وأربعين يوما ونصبوا عليه برجين أحدهما من ناحية صهيون وأحرقه المسلمون وقتلوا كل من به.
فلما فرغوا من إحراقه أتاهم المستغيث بأن المدينة قد ملكت من الجانب الآخر وملكوها من جهة الشمال منه ضحوة نهار يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان وركب الناس السيف ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين واحتمى جماعة من المسلمين بمحراب داود فاعتصموا به وقاتلوا فيه ثلاثة أيام فبذل لهم الفرنج الأمان فسلموه إليهم ووفى لهم الفرنج وخرجوا ليلا إلى عسقلان فأقاموا بها.
وقتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا منهم جماعة