صاحب الرها وبيمنت صاحب أنطاكية وهو المقدم عليهم وكان معهم راهب مطاع فيهم وكان داهية من الرجال فقال لهم إن المسيح عليه السلام كان حربة مدفونة بالقسيان الذي بأنطاكية وهو عظيم فإن وجدتموها فإنكم تظفرون وإن لم تجدوها فالهلاك متحقق.
وكان قد دفن قبل حربة في مكان فيه وعفا أثرها وأمرهم بالصوم والتوبة ففعلوا ذلك ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أدخلهم الموضع جميعهم ومعهم عامتهم والصناع منهم وحفروا في جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر فقال لهم أبشروا بالظفر فخرجوا في اليوم الخامس من الباب متفرقين من خمسة وستة ونحو ذلك فقال المسلمون لكربوقا ينبغي أن تقف على الباب فتقتل كل من يخرج فإن أمرهم الآن متفرقون سهل. فقال: لا تفعلوا أمهلوهم حتى يتكامل خروجهم فنقتلهم ولم يمكن من معالجتهم فقتل قوم من المسلمين جماعة من الخارجين فجاء إليهم هو بنفسه ومنعهم ونهاهم.
فلما تكامل خروج الفرنج ولم يبق بأنطاكية أحد منهم ضربوا مصافا عظيما فولى المسلمون منهزمين لما عاملهم به كربوقا أولا من الاستهانة لهم والإعراض عنهم وثانيا من منعهم عن قتل الفرنج وتمت الهزيمة عليهم ولم يضرب أحد منهم بسيف ولا طعن برمح ولا رمى بسهم وآخر من انهزم سقمان بن أرتق وجناح الدولة لأنهما كانا في الكمين وانهزم كربوقا معهم فلما رأى الفرنج ذلك ظنوه مكيدة إذ لم يجر قتال ينهزم من مثله،