فأجابوه إلى ذلك وعبروا الخليج عند القسطنطينية سنة تسعين ووصلوا إلى بلاد قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش وهي قونية وغيرها فلما وصلوا إليها لقيهم قلج أرسلان في جموعه ومنعهم فقاتلوه فهزموه في رجب سنة تسعين [وأربعمائة]، واجتازوا في بلاده إلى بلاد ابن الأرمني فسلكوها وخرجوا إلى أنطاكية فحصروها.
ولما سمع صاحبها باغي سيان بتوجههم إليها خاف من النصارى الذين بها فأخرج المسلمين من أهلها ليس معهم غيرهم وأمرهم بحفر الخندق ثم أخرج من الغد النصارى لعمل الخندق أيضا ليس معهم مسلم فعملوا فيه إلى العصر فلما أرادوا دخول البلد منعهم وقال لهم أنطاكية لكم فهبوها لي حتى أنظر ما يكون منا ومن الفرنج فقالوا له من يحفظ أبناءنا ونساءنا فقال أنا أخلفكم فيهم فامسكوا وأقاموا في عسكر الفرنج فحصروها تسعة أشهر وظهر من شجاعة باغي سيان وجودة رأيه وحزمه واحتياطه ما لم يشاهد من غيره فهلك أكثر الفرنج موتا ولو بقوا على كثرتهم التي خرجوا فيها لطبقوا بلاد الإسلام وحفظ باغي سيان أهل نصارى أنطاكية الذين أخرجهم وكف الأيدي المتطرقة إليهم.
فلما طال مقام الفرنج على أنطاكية راسلوا أحد المستحفظين للأبراج وهو زراد يعرف بروز به وبذلوا له مالا وأقطاعا وكان يتولى حفظ برج يلي الوادي وهو مبني على شباك في الوادي فلما تقرر الأمر بينهم وبين هذا الملعون الزراد جاؤوا إلى الشباك ففتحوه ودخلوا منه صعد جماعة كثيرة بالحبال فلما زادت عدتهم على خمسمائة ضربوا البوق وذلك